المتابع لمراحل قطار الرياض، او بما أصبح يعرف الان ب "مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام، القطار والحافلات في مدينة الرياض" يلمس أن هذا المشروع ولله الحمد يسير إلى الان في خطوات عملية سريعة ومنتظمة.. وهذه حالة يمكن القول إنها حالة فريدة جدا بين المشاريع الحكومية الإستراتيجية التي اعتاد المجتمع على أنها تأخذ من السنوات والأشهر شيئا كثيرا وكثيرا منها على سبيل المثال المشاريع التالية: - مشروع مصفاة رابغ من عام 2006م - مجمع البتروكيماويات في رأس تنورة من عام 2006م - مشروع مدينة جازان الاقتصادية من عام 2006م - مشروع قطار الحرمين: من عام 2008م - مدينة حائل الاقتصادية من عام 2006م لكن في مسيرة مشروع قطارات الرياض يلاحظ انه في تاريخ 2 جمادى الآخرة 1433ه أقر مجلس الوزراء الموافقة على تنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض وبتاريخ 22 جمادى الأخرة 1433 ترأس أمير منطقة الرياض حينها صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز (رحمه الله) أول الاجتماعات العليا للإشراف على تنفيذ هذا المشروع. وفي مساء يوم الأحد الماضي دشن صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض أولى الخطوات العملية الفعلية لهذا المشروع، حيث تم الإعلان عن ترسية عقود تنفيذ مشروع النقل العام بمدينة الرياض، بتكلفة إجمالية تتجاوز 84 مليار ريال وتمت ترسية عقد التنفيذ على 3 ائتلافات عالمية. وستكون مدة التنفيذ الفعلية 48 شهرا إضافة لثمانية أشهر تسبق التنفيذ للدراسات و4 أشهر تلي التنفيذ للتشغيل التجريبي. وبناء على ذلك سيكون موعد التشغيل التجريبي ثم التسليم النهائي ان شاء الله في عام 2018م. في مساء ذلك اليوم التاريخي.. يحق القول ان مشروع قطارات الرياض دخل فعلا مرحلة الجدية في التنفيذ بعد سنوات طويلة من الأماني ومن التطلعات ومن المطالبات. وبعد جهد كبير تمثل في مشاركة أكثر من (80) خبيراً من مختلف أنحاء العالم يمثلون كافة التخصصات ومجالات أعمال المشروع في عمليات الدراسات والتحليل الفني والمالي للعروض المقدمة من الائتلافات العالمية الكبرى المتنافسة على المشروع. خلال هذا الحفل الكبير أكد سمو أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ مشروع النقل العام بمدينة الرياض، على ثلاثة أمور هامة في هذا المشروع وهي: أن تنفيذ هذا المشروع سيكون وفق أعلى المواصفات العالمية وعلى أكمل وجه. أن التنفيذ سيكون في موعده المحدد خلال أربع سنوات. أن مترو الرياض هو الأكبر في نوعه وفي حجمه على مستوى العالم. الخبر والحفل أكدا وجسدا ضخامة وأهمية هذا المشروع الجبار فهذه (20) شركة عالمية كبرى تنتمي ل (11) دولة من مختلف قارات العالم، هي (فرنسا وأسبانيا وكوريا والنمسا وهولندا وألمانيا وأمريكا والسعودية وإيطاليا والهند وبريطانيا)، الكبرى تتحالف وتتحد وتضامن وتتكاتف من اجل انجاز هذا المشروع الكبير في مهمة قل ان يسبق لها مثيل. حقيقة شي جميل جدا هذا الإسراع في مسيرة هذا المشروع الجبار حيث لن تتجاوز مدته الزمنية الخمس سنوات (دراسة وتنفيذا) قياسا بطبيعة هذا المشروع الذي سينفذ وسط بيئة سكانية وعمرانية كثيفة وصعبة جداً. وهذه السرعة أمر لم يعتد عليه في أمثاله من المشاريع الكبيرة وهذه الحالة من السرعة يؤمل أنها ان شاء الله بداية لعهد جديد في كل المشاريع القادمة. لكن الأهم والاهم في هذا المشروع هو طبيعة التنفيذ الميدانية وخطواته ومسيرته العملية وهل سيلتزم المقاول فعلا بما وعد به سمو الأمير من حيث المدة وكفاءة التنفيذ؟ وهل تمت مراعاة كل الاحتمالات الطارئة لاقدر الله التي من شأنها ان تؤخر او تعطل المشروع في أي من مراحله سواء كانت معوقات مالية او بيئية او طبيعية او خدمية او بيروقراطية او مرورية. والاهم من ذلك ان تكون سلطة التدخل الإداري السريع واتخاذ القرار لكي تقضي على كل عوامل التأخير الطارئة حاضره على مدار الساعة خلال مسيرة العمل في هذا المشروع. الجانب الأهم في هذا المشروع انه لابد من توظيف اكبر عدد ممكن من أبناء وبنات الوطن في كل الاختصاصات والمهن والوظائف في جميع مراحل هذا المشروع، ولابد ان يعود الوطن والمواطن بمكاسب وخبرة مهنية ووظيفية من هذا المشروع، فحضور مثل هذه الشركات العملاقة بخبرائها في كل المهن والاختصاصات بيننا على مدى خمس سنوات هو فرصة عظيمة جدا لن تتكرر يجب ان يستفيد منها الوطن وأبناؤه بأعلى قدر ممكن ويجب ان ندرك ان هذا المشروع هو اكبر من كونه تركيب عربات قطار. نعم هذا المشروع ليس فقط وسيلة نقل بل يمثل كنزا وظيفيا ومصدر خبرة وتعليم وتجربة وثقافة ووعيا ونظاما ونظافة وسلوكا حضاريا. فهو مشروع يمثل مجموعة معاهد تدريب وإعداد يجب ألا نفوت فرصة الاستفادة منه.