ذكرت في مقالي الأسبوع الماضي أن خطة التحوّل غير واضحة حول صناعة البتروكيماويات؛ مع أنها أهم صناعة سعودية بعد البترول، ولا بد من تعزيزها بالبحث العلمي والتطوير الذي هو حجر الأساس لأي تنمية مستدامة، وإلا تحولت المصانع في أي صناعة إلى خردة مع الزمن، والمستثمر (المحلي أو الأجنبي) هو أول من يخرج أو يغلق الصناعات التي تجاوزها الزمن والتي يتحول أبناؤها إلى عاطلين. لا يليق بالمملكة ترتيبها العالمي بين الدول المهتمة بالبحث والتطوير (RD) قياساً بحجم الإنفاقات بالنسبة للناتج المحلي، تفاجأت بترتيبها الواقع بعد مصر والأردن والمغرب وهي دول شقيقة، ونتمنى لها الخير مثل المملكة، لكنها دول نامية وتعاني اقتصادياً، ومع ذلك فترتيبها يفوق المملكة حيث تكاد نسبة الإنفاق للناتج المحلي لا تذكر تبعاً لما أصدرته اليونيسكو. أي نمو مستدام اقتصادي يتعزز على قدرات النمو الكامنة، ويعتمد على نمو ثلاثة أركان هي: نمو القوة العاملة والأصول والتقنية (التطور العلمي والمعرفي)، وإذا غاب الركن الثالث فإن نسبة النمو سوف تنخفض، إن لم يكن هناك تطور تقني يرفع معدلات النمو، وهذا ليس رأيي؛ بل هي نظرية اقتصادية معروفة للجميع. اليوم المملكة تطبق إصلاحات تعتمد على جانبين: الأول ترشيد الإنفاق مع البقاء على تحيّز استثماري في الاقتصاد الوطني مع رفع كفاءة الإنفاق، والجانب الثاني تطوير التشريعات والقوانين لجذب الاستثمارات من القطاع الخاص سواء من الداخل أو الخارج، وهذا ما نطمح له، لكن لا ننسى أيضاً أن أضخم الاستثمارات جذبها وجود قاعدة للتطور التقني والمعرفي. اليوم كندا تعيد النظر في دعم بيئة التطوير والابتكارات من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية أكثر، وأكبر رجال الأعمال في العالم مثل بيل غيتس وورن بافت وكارلوس سليم لديهم استثمارات في إسرائيل برغم وضع إسرائيل الأمني، والسبب بيئة البحث والتطوير المتوفرة فيها وهي ثاني بلد في العالم من حيث حجم الإنفاق على البحث العلمي بنسبة تقترب من 4%، وثالث دولة في العالم من حيث عدد الاختراعات إلى التعداد السكاني. آمل ألا نتأخر كثيراً؛ فنحن نسير في مسيرة تحولنا، والبحث والتطوير ركن كل صناعة ناجحة، وسبب نمو الدول المتقدمة، وأساس التحول لتنمية مستدامة.