الخميس الماضي بثت وسائط الإعلام على نحو عاجل وواسع خبر مقتل وجرح عدد من الإسرائيليين تعرضوا لإطلاق نار في تل أبيب من قبل شابين فلسطينيين. لم تعلن أي منظمة فلسطينية تبنيه... ومع أن ردود الفعل الغاضبة والمُدينة تتابعت من عواصم عديدة غير أن ما جرى يدلل على حقائق مهمة. من جهة أولى وجد الجيش الإسرائيلي بوابة جديدة لزيادة عربدته في الأراضي الفلسطينية وفي التعامل مع الفلسطينيين كمستهدفين في مراقبتهم وملاحقتهم وإقامة الحواجز لحركتهم وفرض الحصار على المناطق السكنية وإشاعة الرعب جراء أرتال المصفحات وغيرها من الأسلحة المتدفقة في الشوارع والمتمركزة في الأحياء السكنية. ويقال في هذا الشأن إن وزير الحرب الجديد ليبرمان لديه خطة لإعادة الاعتبار للقوة العسكرية والأمنية لإعادة إنتاج وجود الاحتلال. من جهة ثانية تتبع سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين سياسات التنكيل بهم والنيل من حقوقهم من ذلك انسداد الأفق أمام الشباب إذ تعج الشوارع بزحام العاطلين عن العمل والجامعيين وهم تائهون لا يجدون مجرد بصيص أمل بالمستقبل، جراء ممارسات الاحتلال وسد كل أفق ممكن لتسوية تعيد بعض الحقوق.. كما تواصل سلطات الاحتلال ممارسة أبشع أشكال الإذلال من مصادرة أراضي وهدم منازل وإقامة مستوطنات، وتتعرض حقول ومزارع الفلاحين لقطع الأشجار المثمرة، كل ذلك بدعاوى أمنية وعسكرية. كما تقدم سلطات الاحتلال على دفع وتحفيز المستوطنين للإقدام على خطوات استفزازية وارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، فقدمت لهم الأسلحة وتوفر لهم الحماية للاعتداء على المسجد الأقصى وانتهاك بقية المقدسات الإسلامية والمسيحية. وامتدت الجرائم الوحشية إلى حرق أسر بكاملها وإلى إزهاق أرواح الأطفال البريئة بنيران الحرائق الجهنمية. ومن المؤكد أن سياسة الإذلال والقهر الصهيوني ضد الفلسطينيين ستقود إلى ردود أفعال عكسية بمستوى ما حدث في تل أبيب، لأن لكل فعل رد فعل، وهو أمر طبيعي عملاً بقانون التحدي والاستجابة. فالأمن مسألة تبادلية، إذ لا يمكن للاحتلال أن ينعم بالأمن في حين يظل الشعب الراسخ تحت الاحتلال رهينة العربدة والفاشية الصهيونية. هناك من يرى أن سياسة اليمين الصهيوني ستؤدي إلى كوارث طالما هي تتنكر لأبسط الحقوق الفلسطينية. سيحاول نتنياهو استثمار عملية تل أبيب لإظهار الإسرائيليين وكأنهم ضحايا الفلسطينيين، وأن الأمن الإسرائيلي في خطر، وسيقوم بعملية تحريض ضد الفلسطينيين، ويسعى تحت ذريعة العملية إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية فشل التسوية للتهرب من مستحقات السلام والتزام مقررات الشرعية الدولية. لن يعدم نتنياهو وسيلة لممارسة شتى أشكال الكذب والنفاق والتبريرات لإنقاذ إسرائيل التي باتت تواجه الآن شكوكاً حول شرعيتها لدى الرأي العام العالمي، كما يكسب الشعب الفلسطيني مزيداً من التعاطف والتأييد.