×
محافظة المنطقة الشرقية

وفد إعلامي سعودي يزور المؤسسة الأمريكية لإغاثة الشرق الأدنى بواشنطن

صورة الخبر

بعيدا عن مربع الارهاب بما فيه من تفاصيل مؤلمة وخطيرة على الأمن والاستقرار كأبرز تحد يواجه المجتمع ككل بكامل مؤسساته المدنية والعسكرية. بعيدا عن ذلك نلاحظ اتساعا لثقافة العنف داخل المجتمع السعودي، وبممارسات لا يمكن تبريرها، كحال الرجل الذي حاول قتل الطبيب المعالج لزوجته، واذكر انني اثناء مراجعتي لقسم طوارئ إحدى المستشفيات رأيت بأم عيني احدى الممرضات وقد تعرضت لعنف من مرافق احدى المريضات من خلال طعنها بإبرة في ذراعها.. بسبب أنها آلمت قريبته عند محاولة اعطائها المغذي.. وإن كانت مشاهد العنف في المجال الطبي أخذت مساحة كبيرة من الضوء الاعلامي بسبب خطورتها وسفاهة مسبباتها، الا ان هذا الشكل من العنف موجود في قطاعات أخرى وخاصة القطاع التعليمي.. ولنا في حادثة قتل المعلم لمسؤول ادارة التعليم في احدى مدن المملكة بسبب الاعتراض على عدم نقله شاهد، وكذلك في حوادث اعتداء المعلمين على الطلبة وضربهم بعنف لا يتفق مع ابسط ابجديات التربية.. السؤال هل هذا العنف جاء كمنتج طارئ ام هو اصيل في تربيتنا لأبنائنا وخاصة الذكور منهم؟ علميا معروف ان للعنف اسبابا ذاتية واخرى اجتماعية مرتبطة بعدد كبير من المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة والمدرسة والاعلام والمسجد وخلافه من مؤسسات التنشئة الاجتماعية.. وعلينا ألا ننسى البعد التاريخي في تجذر ثقافة العنف حيث سلطة القوة هي المهيمنة والمؤثرة في المكانة الاجتماعية للفرد او للمجموع حين يؤكد الأب لابنه ان يكون ذئبا حتى لا تأكله الذئاب وان عليه أن يأخذ حقه بيده وان الضعفاء هم من يرتكزون على التسامح في كل تعاملاتهم، وأن الرجل هو الذي يأخذ حقه بيده ولا ينتظر الآخرين يقومون بذلك نيابة عنه، وحين تصر الأم في توجيه ابنها على مبادلة من ضربوه في التمهيدي وربما الروضة بالضرب بل وربما زادت بإعطائه توجيهات عن اساليب الضرب والاحتيال على الخصم لمباغتته وضربه استباقيا بهدف كسب الموقف.. لا اريد ان احمل الأسرة الجزء الأكبر من تمدد هذه الظاهرة ولكن بالملاحظة أجد انها تمثل المؤسسة المحورية حيث غياب ثقافة الحوار وتهميش بعض الابناء وعدم بناء عنصر الثقة في النفس عند الابناء من خلال الدعم النفسي وتحميلهم بعض المسؤوليات بالإضافة للتفرقة بين الابناء وغير ذلك. من جانب تأثير البعد النفسي في ارتفاع معدل ممارسات العنف، فللأسف مازال المريض النفسي مطلق الحرية في المجتمع، ولعل أخطر انواع المرضى هم المرضى العقليون حيث إن المصابين بتلك الأمراض لا يجدون حرجا في القتل.. ناهيك عن ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب.. مع ملاحظة تزايد حمل السلاح الابيض بين الشباب وكأنه اكسسوار إثبات للقوة.. من يصدق ان شبابنا يحتفظون في سياراتهم بالعصا الغليظة (العجرا) والسكاكين؟! الجدير ذكره ان بعض الدراسات الاجتماعية المحلية أشارت إلى ارتفاع استخدام السلاح الأبيض بين الشباب.. ورغم ذلك لم نجد تفعيل الأنظمة الرادعة لكل اشكال الاعتداء على الآخرين بدنيا او لفظيا قبل ان تتمدد أكثر فتصبح ظاهرة علاجها مكلفة بشريا وماديا.. خطورة انتشار هذه الثقافة بين افراد المجتمع وخاصة الشباب تستدعي مواجهتها عبر برامج متنوعة سواء بالتوعية وهي الحد الادنى في المواجهة او اعادة تأهيل من يتسمون بالعنف او معاقبة صارمة لمن لا يتحكم بانفعالاته، مع ضرورة بناء أدبيات تربوية متسامحة ومتكاتفة بين اعضاء المجتمع تؤصل للتعايش والقبول والحب والايجابية واحترام الآخر كعنصر وقاية بعيد المدى..