×
محافظة المنطقة الشرقية

مصر: حددنا مواقع رئيسية لحطام الطائرة المنكوبة

صورة الخبر

العظماء فقط من يرحلون في هدوء ويتحول رفاتهم إلى بذور نقية تنبت ببياض الحياة؛ ففي أول يوم من رمضان المبارك فجع الإعلام السعودي ونعى مجتمعه أحد شبابه المبدعين، حيث رحل صاحب السيرة العطرة والنقاء الآخاذ، بعدما منح كل مستقبله وعمره القصير في التنوير الإعلامي الشمولي، وقد خلف لنا بخليطٍ فكري إعلامي سامق، ما سيظل منهلاً يذكره أصدقاؤه والكتاب والمهنيون فقط.. مع بقاء بصمات نقيّة في مسيرة الإعلام والصحافة التي شهدت إسهاماته في تطويرها والارتقاء بها. نجم وحضور الإعلامي والكاتب حسن الحارثي –يرحمه الله- سبقاه في كل مكان يجوبه أو يقوده أو يخطه يراعه ببصمات حاضرة في كل الزوايا التي مر بها؛ ومنها هنا، نقف مهنيّاً على زاوية واحدة فقط من عشقه للمهنة وكسره قواعد أنماط حياتنا بجنون الصحافي المحترف، عندما ترجّل عن العمل الحكومي ليمتطي صهوة الإعلام، فبعد أن تخرج –يرحمه الله- من قسم اللغة الانجليزية وأصبح معلماً رغم ولعه بالإعلام، وحينما لم يجد نفسه إلا مخلصاً يقف أمام تلاميذه دون مواراة.. ابتعد عن مهنة التعليم واختار الإخلاص في العمل ليرتمي في أحضان عشقه الكتابة والصحافة؛ فتدرج في بلاط صاحبة الجلالة مراسلاً ثم صحافياً وكاتباً في عدد من الصحف السعودية، حتى وصل إلى منصب مدير التحرير في جريدتي الحياة ثم عكاظ، ولأن طموحه لا يتوقف لم يكتف؛ فطور ملكاته في الكتابة ليتوجها أكاديمياً في عالم الدراما والمسرح، حتى حصل على درجة الماجستير في الكتابة المسرحية من بريطانيا، وأسس صحيفة أنحاء الالكترونية المعروفة ومشرفاً عاماً عليها، ثم دخل باب التلفزيون من أشهر بواباته وبنصوص حلقات متميزة حملت توقيعه في كل من واي فاي ثم سيلفي، كان آخرها والتي توجت بحلقة مميزة في سيلفي هذا العام حسرة وطن والتي كتبها ولم يشاهدها –يرحمه الله-، ولكنها كانت الأبرز؛ لأن أولها.. رسالة تقدير لأشاوس أمن الوطن ورجالاته، وآخرها.. رسالة وداع الأوطان من حسن الحارثي يرحمه الله. عرفت حسن الحارثي زميلاً في مقاعد الدراسة بثانوية الطائف، وبعد سنين التقينا كُتاباً في صحيفة الوطن السعودية، آخر لقاءاتنا الحميمة في القاهرة في ملتقى مؤسسة الفكر العربي، فإذا بنفس ابن الطائف والوفي لها هو كما عهدته، وكما عهده أصدقاؤه وزملاؤه والذين وصفوه بخصال نبيلة انطلقت منها سيرته.. شاب شغوف بسيط محب لاجتراح عوالم شتى من الفكر والحب والنقاء، مفعم بالسخرية الهادفة والابتسامة الصادقة، يخاصم بشرف وفروسية وكرامة الإنسان، طموح مفعم بالصبر، متسامح في غير استسلام للشر، مؤمن بالحرية ومساحات واسعة توفر جواً خالياً من الجُبن، إذا أخطأ يبادر بالاعتذار بكل أنفة، يبادر بتواضع لما يستحق الثناء، وتبقى الفضيلة من قيمه المشتركة في حياته الاجتماعية حيث المودة والتسامح والنقاء.. أما قلمه –يرحمه الله- فكان شمولياً بلغة تنويرية جاذبة جمع فيها بين الثقافة الإعلامية الراقية والقيم الأخلاقية الحميدة، وبمهنية الإعلامي الملتزم بقضايا الفكر والتنوير الاجتماعي والوطني، ومثالاً للإعلام الأخلاقي؛ ليبقي لنا صورةً ناصعة البياض والنقاء، وأخرى دافئةً في أثير القلوب والعقول. وفي زمن لا يعرف إلا الصخب والشغب، رحل صاحب المحطات المتنوعة في هدوء، بعدما أضاف وأضفى لكل منها بريقاً خاصاً، فجمع السجايا والسمات الشخصية وسعة الأفق، ولم يُبق لنا سوى أن الأوطان والتاريخ لا يحفظان إلا أسماء نقية فقط ليكتباها؛ فرحم الله فقيدنا حسن الحارثي وجبرمصاب ذويه وأصدقائه، وتغمده برحمته وأدخله فسيح جناته، وكلمات نقية خالدة تحمل له كل الحب والعرفان. *لفتة ليس بمستغرب أن تبدد غيوم الحزن بمصافحة عطاءات الأوطان من قبل وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بتحقيق رغبة الراحل بقبول ابنه الأكبر في كلية الملك خالد العسكرية ليكمل مسيرة والده في خدمة دينه ووطنه. @MohamedAlmasudi Masudi@hotmail.com