×
محافظة المنطقة الشرقية

ملتقى «الآل والأصحاب» في التراث الكويتي... الهوية الإسلامية الداعية إلى الوحدة - ثقافة

صورة الخبر

وسائل الميديا في مقدونيا بكل أنواعها لم تنجُ من آثار الأزمات السياسية التي تعم البلاد منذ إعلانها الاستقلال في تسعينات القرن العشرين عن يوغسلافيا التي تداعت وانهارت أعمدة الفيديرالية التي بناها وكافح من أجل ديمومتها واستقرارها وتطورها الزعيم جوزيف بروز تيتو، فهي ليست مرآة للصراعات السياسية فحسب بل هي إحدى أدوات خوض الصراع بين القوى السياسية المتصارعة على النفوذ والمال والسلطة بحكومة ارتباطها بهذه الأحزاب ومجموعات الاوليغارشية التي تقيم تحالفات وشبكات مصالح مع أحزاب السلطة والمعارضة وفق ما تقتضيه توازنات القوى ومسارات التطورات والمتغييرات السياسية والمجتمعية. أدرج التقرير الأخير لمنظمة (محررون بلا حدود) الخاص بوضع الحريات الصحافية في مقدونيا الذي صدر أواخر العام 2014 هذه الدولة البلقانية في المرتبة الأخيرة بين دول ما يعرف بمنطقة جنوب شرقي اوروبا، والمرتبة 117 من بين 180 بلداً على مستوى العالم. وقالت نائبة رئيس اتحاد الاشتراكيين الديموقراطين المعارض رادميلا شيكيرينسكا ان «المشكلة الكبرى التي تعانيها مقدونيا تتمثل في غياب الصحافة الحرة والمستقلة». تخضع وسائل الاعلام في مقدونيا خلال السنوات العشر الأخيرة لسيطرة الحكومة وحزبها الحاكم الذي فاز بثلاث دورات متتالية، ما يصعب وفق الوسيط الأوروبي لمقدونيا بيتر فانخاوته «العثور في الميديا المحلية على آراء وافكار ووجهات نظر معارضة ومخالفة للسلطة الحاكمة»، كما قال في تصريح نقله موقع «دويتشه فيلله». وأضاف: «ان الخوف ظاهرة سائدة في مقدونيا وفي شكل صادم، وهذا يثير قلقنا». وذكر موقع ( SHASH.BG) ان «فضيحة التسجيلات الصوتية التي نشرها حزب المعارضة كشفت أن أكثر من 100 صحافي تعرضت مكالماتهم الهاتفية الى التنصت من جانب أجهزة الأمن». أدت سيطرة الحزب الحاكم على وسائل الإعلام في شكل مباشر او عبر جماعات المال والأعمال الى اضطرار الصحافيين الى التقيد الصارم بالرقابة الذاتية عند تناول المواضيع الحساسة او عدم نشر المقالات او التحقيقات الاستقصائية التي لها مردود سلبي على قيادات الحزب الحاكم، وذلك كأسلوب لتجنب العقوبات بالفصل القسري من العمل وكثيراً ما يتعرضون الى ضغوط لتحريف الحقائق. وقال سفير الاتحاد الاوروبي في سكوبيا «ان الصحافيين يواجهون ضغوطاً شديدة من مالكي وسائل الإعلام للإبتعاد عن تناول القضايا الاجتماعية والقيام بتحقيقات استقصائية عن الفساد المستشري في أوساط النخبة الحاكمة ومؤسسات الدولة»، داعياً الى «التحرر من الخوف والتخلي عن الرقابة الذاتية عند قيامهم بعملهم الصحافي». وقال في تصريح نقلته صحيفة «وترينسكي فيسنك» الصادرة في سكوبيا ان «غالبية وسائل الاعلام المحلية تجاهلت قصداً الاشارة الى ما ورد في تقرير المفوضية الأوروبية الخاص بأوضاع الصحافة والمؤسسة القضائية من انتقادات لاذعة وجهها للحكومة ما يشير الى تلقيها تعليمات بذلك من اطراف في السلطة».   الإعلانات رشاوى ضمنية تكشف بيانات رسمية ان الحكومة المقدونية تتصدر لائحة المعلنيين في الصحافة المحلية بحيث احتلت المرتبة الثانية بنسبة 4.99 في المئة اي 17 الفاً و693 فيديو كليب في اللائحة التي تتضمن اسماء الشركات التجارية. وتشير خبيرة الميديا المقدونية ميري يوردانوفسكا إلى ان «حجم الأموال التي تنفقها الحكومة على الإعلانات والدعاية السياسية ظل لسنوات طويلة احد اكثر المعلومات الرسمية السرية». في آب (أغسطس) 2014 اضطر رئيس الحكومة نيكولا غرويفسكي بعد ضغوط مارستها قوى ومنظمات داخلية ومنظمات دولية واوروبية الى نشر بعض الأرقام والبيانات التي بينت أن الحكومة انفقت في الفترة 2012- 2013 والأشهر الستة الأولى من العام 2014، 18 مليون يورو دفعت لقاء خدمات قدمتها 27 مؤسسة ومجموعة اعلامية محلية. في تقرير أعده المحلل في مركز الرقابة والتطوير الإعلامي لمنطقة جنوب شرقي اوروبا (SEEMO) ساشو يوردانوفسكي ورد وصف دقيق للنموذج الذي تعتمده الحكومة لرسم وتحديد السياسة التحريرية لمحطة «ألفا» التلفزيونية التي يغطي بثها انحاء البلاد. تأسست هذه المحطة التلفزيونية العام 2008 كفضائية مستقلة، وتبث برامجها ايضاً من خلال المحطات الأرضية – الكابلات، واشتهرت ولسنوات طويلة بقربها من قوى المعارضة السياسية، إلا أنها وبعد صفقات مفاجئة أبرمت عامي 2012- 2013 انتقلت غالبية اسهم الشركة التي تمتلكها الى ملكية شركة افشور يملكها رجل اعمال صربي مقرب من الحكومة المقدونية. حققت هذه المحطة بعد تحويل ملكيتها في شكل كامل العام 2015 ارباحاً ارتفعت نسبتها 85 في المئة عن العام 2013 على رغم ان عدد مشاهديها حافظ على المعدل السابق في 2013، وظهر ان الحكومة مولتها خلال هذا العام المذكور بثلاثة او اربعة اضعاف الإعلانات التي كانت تحصل عليها من قبل. تقول الصحافية المقدونية كريستينا اوزيمتس «ان وسائل الاعلام المحترفة والموضوعية والمستقلة في مقدونيا تعد قليلة العدد مقارنة بتلك التي تخضع لسيطرة الحكومة الراهنة». وقالت: «إن مقدونيا ما زالت بلداً يفضل مواطنوه الحصول على المعلومات من محطات التلفزة، وليس شبكة الانترنت، والمشكلة ان غالبية محطات التلفزيون تنتهج سياسة إعلامية داعمة ومؤيدة للحكومة». من يمتلك وسائل الإعلام في مقدونيا؟ على هذا السؤال أجابت دراسة مستقلة نشرت تحت عنوان Media REDIA تضمنت مجموعة اخرى من الإجابات على اسئلة مهمة للغاية عن الأسباب التي تدعو بعض الصحافيين الى الخوف من وضع اسمائهم على ما يكتبونه من مقالات او تعليقات، وهل ان حصول وسائل الاعلام على اعلانات من الحكومة هو شكل من أشكال الرشاوى لالتزام الصمت على ما ترتكبه من أخطاء وتورط وزرائها ومسؤوليها الكبار في الفساد ونهب المال العام؟ يكشف التقرير عن آلية الفساد والافساد وجماعات الظل التي تملك وسائل الاعلام وغالبيتهم من المتنفذين والمؤثرين في الوسطين السياسي والاقتصادي بعضهم مقرب من الحكم وبعضهم الآخر يرتبط بعلاقات مباشرة مع الحكومة. وقالت الصحافية ساشكا تستكوفسكا التي شاركت في اعداد التقرير الاستقصائي ان «التقرير الذي استغرق إعداده أكثر من عام لم يكشف فقط عن هوية مالكي وسائل الاعلام، بل ايضاً طريقة التمويل الحكومي للحملات الدعائية لتبييض وجه الحكومة وإخفاء ارتكاباتها وانتهاكاتها لسيادة القانون ومبادئ الديموقراطية».   صخب الإصلاحات تدور مناقشات صاخبة بين الحكومة والمعارضة حول بنود القانون الجديد للصحافة الذي أوصت المفوضية الأوروبية بإعداده في إطار برنامج الإصلاحات الذي من المفترض أن يقربها من المعايير الأوروبية اللازمة لنيل العضوية في الاتحاد الأوروبي. ويتضح من التصريحات المتعددة لقادة هذه الأحزاب حجم الهوة بين الحكومة وحزب المعارضة الاشتراكي الديموقراطي والاختلافات الجذرية في تصوراته وأفكاره حول مهمات ووظائف وكالة الخدمات الاعلامية السمعية والبصرية وطبيعة الجهاز الذي سيديرها وكيفية اختيار اعضائه وقيادته. الحكومة تتهم المعارضة بمحاولة تضمين القانون «موادَّ وبنوداً ذات طابع فاشي مخجل» وفق وصف رئيسها غرويفسكي الذي قال: «إن مقترحات الاتحاد الاشتراكي الديموقراطي التي تفرض رقابة قانونية على وسائل الاعلام لا يوجد مثيل لها ولا حتى في واحدة من الدول الأعضاء في الاتحاد»، وأضاف: «لا يوجد جهاز حكومي يتمتع بحق الرقابة على وسائل الميديا او اتخاذ قرار بإغلاقها وتعطيلها استناداً الى وجهة نظر ممثل حزبي في الوكالة بدلاً من القضاء». لم تتفق منظمات المجتمع المدني هي الأخرى على وضع مقترحات محددة وفاعلة تضمن تحقيق انجاز فعلي لعملية إصلاح أوضاع الميديا في البلاد. وتسود الاختلافات والتعارضات في تصوراتها للشكل الأمثل الذي يجب ان يكون عليه القانون. ويقول خبير الميديا ايليا استيسكي ان «مقدونيا تمتلك طاقات وقدرات جيدة لتحقيق هذه المهمة، إلا أن ما تحتاج اليه هو الإرادة لإحداث التغيير والاصلاح المنشود». ما رشح حتى الآن هو «ان نقابات الصحافيين أجرت مشاورات مع خبراء الميديا ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية توصلت الى وضع مقترحات متعددة: - منع تسييس جهاز الرقابة على أداء المؤسسات الإعلامية بحيث يكون اعضاؤه من شخصيات اجتماعية وأكاديمية مستقلة ليس لها ارتباطات حزبية لضمان تطبيق القانون، وبما يبعد الحزب الحاكم عن التدخل في عمل مؤسسات الإعلام لتأمين اجراء انتخابات حرة ونزيهة. - منع السلطة الحاكمة من التأثير على السياسات الاعلامية لمؤسسات الميديا، واختيار أعضاء مستقلين من خبراء الميديا لا السياسيين لوكالة الصحافة المقدونية ولادارة محطتي الاذاعة والتلفزيون الوطنيتين. - التزام قواعد العمل الإعلامي المنصوص عليها في التشريعات الأوروبية وبما يتطابق في شكل كامل مع مبادئ الديموقراطية وحقوق الانسان وحق الجميع في الحصول على المعلومات.