اتسع نطاق الـمبالغة، وكثر العاملون عليها، والـمخدرون الناس بـها، وأخذ خطرها يستفحل ويزداد، حتى تكاد تصبح عائقا رئيسا أمام التنمية، وورما سرطانيا خبيثا متضخما يحتاج لاستئصال. فمن قائل: «إن المستوى الغذائي للفرد في المملكة العربية السعودية يفوق المستوى العالمي»!! ومن قائل: «إن الـخدمات الصحية تضاهي الدول المتقدمة علاجيا»!! ومن قائل: «إن التعليم من أرقى مستويات العالم»!! ومن قائل: «إن الطرق لا مثيل لـها»!! هذه المبالغات لا تليق بمؤتمنين على أداء الأمانة بصدق وإخلاص، بل افتئات على الحقيقة والواقع، والوسط مطلوب وهو أيضا أمانة، والاعتدال يجعل الإنسان في مأمن من الانزلاق نحو الـهاوية، والـخشية كل الـخشية، أن تـهدر المبالغة التنمية المستدامة، وتعيد العجلة إلـى الوراء، في وقت يجب أن تتضافر فيه كل الجهود، لمزيد من الحفاظ على الوحدة الوطنية، ومواجهة الأخطار والتحديات. أليس من الواجب محاسبة كل من يستخدم لغة المبالغة؟ أم يترك للإساءة للمصلحة العليا للوطن والمواطن، وهي المنطلق الأساس، لصالح الجيل الحالـي، والأجيال المقبلة، يتمتعون بثروات وطنهم، ويستثمرون أمنهم واستقرارهم، في مناخ أكثر استفادة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، فليس أخطر من المبالغة على أي مجتمع، من التفكك، والتجزئة، والانغلاق، والعزلة. الصدق في القول والعمل أمانة، وليس من الأمانة «المبالغة» و«الفشخرة» و«حرق البخور» بل من الأمانة: الالتزام بعمل جاد متقن، ومستحسن، ضمن إطار شامل لا اختلاف عليه، أما المبالغة فكثيرا ما تكون لمصلحة شخصية، دون المصلحة الفردية، والجماعية، والمجتمعية، وهنا تكون الطامة الكبرى، حيث تحدث الانتكاسة، ويظهر التراجع، ويسود التناقض، ويغدو بمثابة نغمة مسيطرة على كثير من المشروعات التنموية والـخدمية، التي تستفيد منها القاعدة المجتمعية. المبالغة حالة استرخاء، وعدم مبالاة، وعدم شعور بالمسؤولية، وعقبة كأداء إن لم تتخلص منها المجتمعات، فإن الأوزار لا تتحملها المبالغة وحدها، بل المتعاملون بـها، واضعو السدود والحواجز، والـمحدثون القلق، والتوتر، والإحباط. فليوقف المبالغون في قضايا التنمية، والمشروعات الـخدمية عند حدودهم، وليحفظ الله وطنا ومواطنين، من مبالغين عبئا على مجتمعهم وعالة عليه، وليهيئ الله لـهذا الوطن والمواطن، من يؤدون الأمانة بدون مبالغة، فإنـها والله خطر ماحق. badr8440@yahoo.com