ظهرت في العصور المتأخرة مسابقات تشترك فيها الجميلات من مختلف البلدان، وذلك لاختيار أجمل امرأة في العالم وتتويجها ملكة لجمال الكون طيلة العام الذي توجت فيه، وهي مسابقات يراد بها غالبا المتاجرة لكسب المال والدعاية والشهرة، وبصرف النظر عن أغراض تلك المسابقات وصوابها أو ضلالها، إلا أن الملفت فيها أن ما اشتهر منها ظل مقتصرا على النساء، ولم يظهر في عالم الرجال ما يقابلها في الشهرة والجاذبية، حيث ظلت مسابقات جمال الرجال التي تقام أحيانا نادرة وشاذة خارج المألوف. ربما لأن الناس تناقلوا فيما بينهم فكرة أن جمال الرجل الخارجي في الوجه والجسد لا أهمية له، وأن ما يهم في الرجل هو باطنه، شخصيته وأخلاقه، أو مكانته ووجاهته وماله، أما جماله الظاهر في الشكل فلا أهمية له. هم يرون أن الرجل ليس كالمرأة، المرأة وحدها هي التي تتركز (قيمتها) في جمال مظهرها، ثم تأتي بعد ذلك الصفات الأخرى، أما الرجل فلا. وما أظنه هو أن رجلا واحدا أطلق تلك الكذبة فتبعه الآخرون، ربما كان هو نفسه من المحرومين من جمال المظهر، فأراد أن يحل مشكلته بما يجعله يرضى عن نفسه حتى وإن كان بخداعها والكذب عليها، أوهم نفسه بصدق ما قال ثم نام على أحلام الرضا والاقتناع أن جمال مظهر الرجل لا يهم أحدا. لكن قصة يرويها المؤرخون تفضح تلك الكذبة، وتؤكد أن جمال الرجل الظاهري ليس بالأمر الذي يستهان به، وأن له من التأثير على القلوب مثلما لجمال المرأة ولا فرق، وإذا كان خطر جمال المرأة يدرأ بالحجاب، فإن خطر جمال الرجل يدرأ بالنفي إن لم يمكن ستره والتخفيف من فرطه. نصر بن الحجاج، يقال إنه كان رجلا جميلا بلغ غاية عظمى في الجمال، حتى أنه لفرط جماله خشي الخليفة عمر بن الخطاب على نساء المدينة من أن يفتنهن نصر، وأراد أن يفعل شيئا يخفف به من جماله حتى لا يكون سببا في فسوق النساء، فأمره بحلق شعره الطويل المنسدل على عارضيه، فإذا بجمال وجهه يتبدى أكثر فأكثر، فأمره بارتداء العمامة، فإذا بها تزيد في سحره وفتنته، وآنذاك لم يجد الخليفة بدا من إخراج نصر من المدينة حماية لنسائها، فأرسله إلى البصرة مبعدا له عن عيونهن. لكن المؤرخين ــ مع الأسف ــ لم يتابعوا تزويدنا ببقية المشهد، إذ لا ندري ماذا حل بنساء البصرة بعد أن نزل نصر بمدينتهن مقيما بينهن؟ ما يهمنا هنا من هذه القصة، التأكيد على عدم الاستهانة بجمال مظهر الرجل. فعلى الرجال الذين حباهم الله بميسم جمال أن (يطقوا اللطمة) حتى لا يكونوا سببا في غواية نساء الأمة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة