يجتهد معهد الشارقة للتراث من أجل تحقيق أهدافه الرئيسية المتعلقة بصون التراث وحفظه ونقله للأجيال، في ظل تفاعل مع أفكار وتجارب وخبرات الآخرين في مختلف بلدان العالم، وكي يعمل على بلورة وتحقيق ذلك، فإنه ينظم برامج وفعاليات وأنشطة عدة تصب في تحقيق الهدف، وتتوزع وتتنوع أنشطة وبرامج المعهد على مدار العام، بدءاً من يناير/كانون الثاني وصولاً إلى ديسمبر/كانون الأول بلا توقف أو استراحة، بل إن هناك عملاً مستمراً ومتواصلاً. في نظرة سريعة وموجزة لما قام به المعهد وفرقه المتنوعة وكوادره المتخصصة، خلال الفترة الماضية الممتدة منذ مطلع العام الجاري، في يناير الماضي، حتى مايو الماضي، يمكن رصد الكثير من الأنشطة والفعاليات والبرامج، منها أسابيع التراث العالمي التي انطلقت للمرة الأولى مطلع العام الجاري، حيث يستضيف معهد الشارقة للتراث، في مركز الفعاليات بالشارقة البيت الغربي، شهريّاً، بلداً عربياً شقيقاً، أو بلداً أجنبياً صديقاً، لعرض برنامج تراثي متنوع، على مدار أسبوع، حيث يأتي هذا البرنامج في ظل السعي المستمر لمعهد الشارقة للتراث، إلى التعريف بالتراث الإماراتي، والتواصل والتفاعل مع الجهات والمؤسسات المعنية في مختلف بلدان العالم، وتبادل المعارف والتجارب والخبرات معهم، بما يسهم في الحفاظ على التراث، وضرورة صونه ونقله للأجيال القادمة، وجاءت أسابيع التراث الثقافي العالمي بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وفي إطار أنشطة معهد الشارقة للتراث للتعريف بالتراث الثقافي العالمي، وانفتاحه على التجارب العربية والدولية في هذا المجال. وكانت مملكة البحرين أول ضيف للأسابيع، حيث تم تنظيم حزمة فعاليات بحرينية في مركز الفعاليات بالشارقة البيت الغربي، حيث استعرضت تراثها ونشاطاتها خلال أسبوع كامل في البيت الغربي. ومن ثم كانت المملكة المغربية الضيف الثاني للأسابيع، وعرض الوفد المغربي خلال أسبوع التراث المغربي، فعاليات وبرامج وأنشطة عدة، من بينها معرض الفنون التشكيلية، إضافة إلى معرضي صور، أحدهما للمدن المغربية الساحلية، والثاني عن مساجد المغرب، وندوة تناولت عميد المؤرخين المسرحيين المغربي الطيب الصديقي. وتلا ذلك استضافة مصر، التي قدمت خلال أسبوع التراث المصري تشكيلة غنية ومتنوعة من التراث المصري العريق والغني، ومن بين ما قدمه الوفد المصري الضيف، محاضرة بعنوان التراث الثقافي والصناعات الثقافية في العالم، ومحاضرة أخرى عن التراث الثقافي في جنوب مصر، إلى جانب عروض مرئية لفنون الرقص والألعاب المصرية. وشاركت جمهورية مقدونيا في أسابيع التراث العالمي في الشارقة في إبريل/نيسان، حيث حلت كضيف شرف خلال أيام الشارقة التراثية، وجاء اختيار مقدونيا، لتكون ضيف شرف الأيام نظراً لما تتمتع به من تاريخ ضارب في القدم، وإرث ثقافي عريق. ومن ثم حضرت قيرغيزيا حاملة معها فعاليات وبرامج عدة، من بينها معروضات تراثية متنوعة من حرف يدوية وأزياء وأكلات شعبية، وموسيقى وأهازيج شعبية. كما أطلق معهد الشارقة للتراث في إبريل/نيسان الماضي مجلة حملت اسم الموروث، وهي مجلة فصلية علمية محكمة متخصصة، تعنى بشؤون التراث وتركز على التراث الإماراتي خصوصاً والخليجي والعربي عموماً، في ظل سعي جاد كي تسد فراغاً في المكتبة العربية بهذا الشأن. ويحرص معهد الشارقة للتراث شهرياً على عقد وتنظيم ندوات وحلقات نقاشية ثرية ومتنوعة في عالم التراث، بلغ عددها حتى مايو/أيار الماضي 21، ما بين ورشة وحلقة نقاشية، من بينها الحلقة النقاشية، التي تناولت حساب الدرور وأهميته في رحلات الغوص والسفر البحري، وندوة التراث الثقافي في دول الخليج العربي الواقع والتحديات، وحلقة نقاشية بعنوان: الكتاب وحقوق المؤلف، والحقوق المجاورة، وندوة أفضل ممارسات الصون للتراث الثقافي غير المادي نماذج وشهادات، وحلقة نقاشية تناولت الرعاية الاجتماعية للأشخاص من ذوي الإعاقة، في الثقافة الشعبية. وقبل أن ينتهي مايو الماضي تم عقد مؤتمر صحفي تم الإعلان خلاله عن انطلاق جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي الدورة الأولى 2016، التي تتوزع إلى 3 حقول تتضمن 9 فئات. الحقول الثلاثة التي تشملها الجائزة هي: ممارسات صون عناصر التراث الثقافي- الرواة وحملة التراث الكنوز البشرية الحية - البحوث والدراسات في التراث الثقافي، وتتضمن هذه الحقول 9 فئات: 3 فئات في كل حقل، وتصل قيمة الجوائز إلى 54 ألف دولار، وتهدف الجائزة إلى الإسهام في تكريم الجهود الناجحة، ودعم المبادرات الملهمة في مجال صون عناصر التراث الثقافي وضمان استمراريتها، إضافة إلى أهداف أخرى، وللجائزة لجنة تحكيم، تتكون من عدد من الأعضاء، برئاسة أسماء سيف السويدي، مدير معهد الشارقة للتراث بالإنابة. وتأتي الجائزة في إطار رؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتنفيذاً لتوجيهات سموه الرامية إلى الحفاظ على التراث الثقافي العربي، ونشر قيم حفظه وأساليب صونه، وتوعية جميع شرائح المجتمع بأهميته، وضرورة استمراريته. وقام المعهد بتنفيذ العديد من الفعاليات والبرامج والأنشطة، سواء الداخلية، بمعنى تخص كوادر المعهد، أو خارجية على المستويين المحلي والعالمي، منها على سبيل المثال، لقاء مفتوح للموظفين، وورشة تدريبية، وملتقى الحرف التراثية الدورة العاشرة، ودورة تدريبية حول ترميم وصيانة المخطوطات، ودورة تدريبية أخرى بعنوان التراث الثقافي في الإمارات، ومحاضرة بمناسبة يوم المرأة العالمي. وكذلك كان من بين أنشطة معهد الشارقة للتراث ورشة التحليل والتصوير الضوئي، ودورة تدريبية حول تعقيم المخطوطات وحفظها وأرشفتها، وعدة دورات تدريبية متنوعة في أكثر من مجال. أيام الشارقة التراثية في إبريل/نيسان من كل عام، يحتفي معهد الشارقة للتراث بالتظاهرة التراثية الثقافية الكبرى، وهي أيام الشارقة التراثية، وكان جمهور وعشاق التراث في إبريل الماضي على موعد مع النسخة ال14 من أيام الشارقة التراثية التي جاءت تحت شعار: بالتراث نصون الطبيعة، وحلت فيها مقدونيا ضيف شرف، وشاركت 17 دولة في هذه النسخة إلى جانب 25 فرقة فنية محلية وعربية ودولية، واستمرت الأيام نحو شهر تقريباً في كافة مدن ومناطق إمارة الشارقة، وشارك في فعاليات الأيام عدة جهات ومؤسسات حكومية عربية وإسلامية وعالمية، وحظيت الأيام بزيارة 191 ألف زائر. وتعد أيام الشارقة التراثية محطة مهمة وعنواناً كبيراً، في التعريف بالتراث والأصالة، وضرورة صونه والاستفادة منه والبناء عليه. مكتبة الموروث افتتح معهد الشارقة للتراث في مارس/آذار الماضي، مكتبة حملت اسم الموروث، وهي مكتبة متخصصة في كتب ومراجع ومصادر التراث، لتكون مقصداً للباحثين ووجهة لطلاب العلم والمهتمين بالتراث الثقافي والحضاري، بما تضمه من المراجع المتخصصة وغيرها، وتسعى المكتبة إلى تحقيق جملة من الأهداف، أهمها: توفير أوعية معلومات خاصة بالتراث الثقافي والحضاري، وتوفير المصادر والمراجع المهمة في التراث، وتقديم الدعم للباحثين وطلاب العلم، وتشجيع البحث العلمي في مجالات التراث الثقافي المادي واللامادي، وتوفير بيئة عمل مرضية ومجزية لجميع العاملين في المكتبة على اختلاف مستوياتهم ومواقعهم، وتقديم المساعدة لمستخدمي مكتبة الاتحاد على الوصول إلى المصادر المختلفة على تنوع أشكالها، وتمثّل مكتبة الموروث إضافة نوعية إلى مكتبات إمارة الشارقة، بل الإمارات كلها، لما تحويه من نوادر العلوم وفرائد الكتب، وهي مكتبة مجهزة ومتكاملة، تحوي آلاف العناوين والمضامين في شتى مجالات المعارف والفنون، وتستجيب لتطلعات القرّاء والباحثين والمهتمين بالثقافة بشكل عام.