تشهد الشواطئ المغربية خلال شهر رمضان وعلى غير العادة، اكتظاظاً لافتاً لهواة الصيد بالقصبة الذين يقضون ساعات طويلة من يومهم الرمضاني قرب الشاطئ، منذ الساعات الأولى من الصباح وإلى حدود قبيل غروب الشمس، حيث يفضل معظمهم ممارسة هذه الهواية من باب الترويح عن النفس، والاستمتاع بطبيعة البحر وجماليته فيما يمارسها البعض الآخر كحرفة يقتات منها ليعرض صيده للبيع على امتداد الطرق المحادية للشواطئ، كما هو الحال بالنسبة لسمحمد العلمي الذي يرى أن هواة الصيد بالقصبة يتزايد عددهم بشكل لافت في شهر رمضان، حيث يقصدون البحر لقضاء طيلة اليوم في محاولة منهم لاصطياد ولو سمكة واحدة في انتظار موعد آذان المغرب، لأن غاية الهواة يقول العلمي تمضية الوقت وتكسير الروتين اليومي وممارسة الصيد كهواية، وهي عادة دأبنا عليها كمحترفين كلما هل شهر رمضان، لكن بالنسبة للصياد المحترف فإن الأمر يختلف، قد لا يتضايق من حملة قصبات صيد الهواة في الشهر الكريم لأنه من حق الجميع قضاء وقت ممتع مع أصدقائه والاستمتاع بهوايته، لكن المشكلة هي عدم دراية هواة الصيد ببعض قواعد الصيد التقليدي، لأن بعض الحركات التي يقومون بها وهم يستعدون لرمي خيوط القصبة كثيراً ما تؤدي إلى هروب السمك إلى عمق البحر، ما يحرم المحترفين الذين يقصدون البحر منذ ساعات الصباح الأولى من الصيد في ظروف مريحة تسمح لهم بصيد ثمين، على غرار شهور السنة الأخرى، الشيء الذي يؤدي أحياناً إلى بعض الشجار والجدال بيننا. أفضل وقت أما مصطفى أبنداك (صياد هاوي) يرى أن طبيعة شهر رمضان تمنح لهواة الصيد بالقصبة إمكانية ممارسة هذه الهواية على جنبات الشواطئ بشكل أفضل تمتد لساعات إلى حدود آذان المغرب، وأحيانا لا تغادر البحر إلا قبيل الآذان، ولا يهم أن تعود بكمية من السمك أو خاوي الوفاض لأن الصيد بالنسبة لي وللهواة مثلي هو مغازلة السمك، وتدريب النفس على الصبر، والانفتاح على صداقات جديدة مع عشاق الصيد التقليدي ممن يتوافدون على البحر خلال شهر رمضان. الفرق يضيف مصطفى هو أن الصياد المحترف يسابق الزمن لحمل قفة أسماكه لعرضها على قارعة الطريق لبيعها وكسب مدخول يومي ، بينما الصياد الهاوي يمكن أن يجد في مشهد النورس وهو يسابقه لصيد السمك على سبيل المثال، ما يغنيه عن الظفر بهذا السمك ،لأننا نمارس الصيد بحب وإحساس لا يقل عن عشق هواة كرة القدم. نصائح للهواة ويتكاثر عدد هواة الصيد في شهر رمضان ليلاً ونهاراً، فالمتجول بين شواطئ البحر ليلاً، بعد فطور رمضان سيكتشف بأن عدد هواة الصيد بالقصبة في الشهر الفضيل يفوق بكثير عددهم في بقية شهور السنة الأخرى، وبالتالي فإن عدتهم من القصبة ولوازمها لا تقل جودة عن عدة المحترفين، وهو ما يؤكده في السياق نفسه فؤاد حبسان (صياد محترف) الذي لا يدخر جهدا في إسداء النصح لكل من يسأله من الهواة الذين تغيب عنهم أشياء كثيرة في عالم الصيد بالقصبة، يقول:هواة الصيد بالقصبة يجدون في البحر ملاذهم خلال شهر رمضان،و فيه تتوطد العلاقات الإنسانية بين الناس هواة ومحترفين للصيد، ويتبادلون خبراتهم وتجاربهم، وقد يكون البحر فضاء للبوح بكل ما تختزن صدورهم من آمال وأحلام ولعل الهروب إلى البحر والصيد بالقصبة عند الكثيرين، هو أيضا هروب من ضجيج وزحمة السيارات وأصوات الباعة التي لا تهدأ خلال الشهر الفضيل. فالتأمل في البحر كما يعبر البعض هو أيضا نوع من التأمل والعبادة.