ما أجمل ذكريات الماضي التي ترويها الجدات للأحفاد حول المواقد المنطفئة في ليل الشتاء الطويل، لكن الأجمل منها الذكريات التي تقترن بشهر الصوم في زمن البساطة والألفة، فها هي العمة فاطمة تأخذنا إلى حقبة من الزمان قد لا تجود الأيام بمثلها، فقد كانوا لا يعلمون بدخول رمضان إلا عن طريق المدفع. ولم تكتف مظاهر بهجة الاحتفال بقدوم الشهر الفضيل على الأشخاص فللمنازل نصيب منها فيعاد ترميمها، وتطلى الكراسي والقعد، بالإضافة إلى إعادة ترميم التنور (الميفا) ومكان عمل خبز (اللحوح)، وشراء جرار الماء والشربات وتبخيرها. وقالت العمة فاطمة:»من أبرز الأطعمة في شهر رمضان المبارك الشوربة والنشأ واللحوح والخمير والمغاش والهريسة والزبادي المبهرة (قطيبة)، والسمك والحنطة مع اللحم (مخموعة) والمفتوت ( ثريث) والمفالت والزلابية والمطبق وما تيسر من الفواكه وأحبها الحبحب». وعن طبيعة العمل في نهار رمضان، قالت:» في اول اليوم يوقد التنور لإنزال المغش والشوربة وتعبئة جرار الماء وفي العصر تبدأ غرفة العمليات (البناية) في تنفيذ جميع الوجبات وإعدادها حتى سماع صوت المدفع وبعدها أذان المغرب». وأضافت:»رغم حرارة الجو إلا أننا نتغلب عليها برش مداخل السكن بالماء وكذلك رش أماكن النوم لتقليل الحرارة قدر الإمكان». وتابعت:»ما يميز شهر رمضان المبارك الالتفاف الأسري حول مائدة الإفطار من رب الأسرة والأم والاخوة جميعا وكبار السن في العائلة»، مشيرة إلى أنهم كانوا يتبادلون زيارات التهنئة ببداية الشهر الفضيل. وألمحت إلى أن من أهم عادات رمضان الاهتمام بالإعداد الجيد من قبل دخول الشهر بشراء الملابس الجديدة والحناء والطيب والفل احتفاءً بهذه الشهر الفضيل، مضيفة:» أما الآن فقد اختلف الوضع وضعفت العلاقات الاجتماعية لتباعد المساكن والانشغال بوسائل الاتصال الحديثة وغيرها من الأمور». المزيد من الصور :