×
محافظة المنطقة الشرقية

المملكة تطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات لوقف أطول انتهاك لحقوق الإنسان سجله التاريخ المعاصر

صورة الخبر

حين وضعت أم محمد اللحم البلدي في قعر المغش، وأضافت عليه قطع الكوسا والبطاطس والطماطم والفلفل الرومي والبصل والبهارات المخصصة له، كانت تعرف في قرارة نفسها أن المدة الزمنية التي سيقضيها في الميفا (ساعة ونصف)، كفيلة لأن تنضج أكلة متجانسة ولذيذة تعد من ألذ الأكلات الجازانية ويطلق عليها المغش، وأن هذا التمازج والغليان على نار هادئة سينتج النكهة المطلوبة التي ترتسم في مخيلة متذوق هذه الوجبة التي تعد رئيسية على المائدة الجازانية خصوصا في شهر رمضان، كما أنها لا تحبذ طهوه في الفرن «الفرن يزعج المغش بحرارته الشديدة ويغير طعمه ليس كما في الميفا». وتمتاز المائدة الرمضانية في جازان بثرائها وتنوعها؛ وهي وإن كانت عامرة بالموروث الشعبي، إلا أنها استوعبت الجديد من الأكلات والأطباق التي انتشرت نتيجة الانفتاح الفضائي على عادات وموروثات المجتمعات في الأقطار كافة. حين يعد البيت الجازاني السفرة الرمضاية فلا بد أن تتكون، بالإضافة إلى المغش، من المفتوت وهي تحضر من الخمير المهروس في إناء فخاري يسمى الحيسية مع إضافة مرق اللحم عليه والحلبة والسمن، أو إضافة (الفرقه) اللبن الرائب مع السمن البلدي عليه، بعد غلي اللبن مع البصل والثوم والبهارات، كذلك تتكون من الشفوت وإدامات السمك أو الدجاج، والملوخية مع الباميا والحبحب الحنيذ والقوار والحلبة والمقلية، مع استيعاب ما جد على السفرة كالسنبوسة وورق العنب والمعجنات والحلويات والشروبات بأنواعها. ويعد اللحوح والخمير المعادل في القيمة الغذائية للمغش فلا يأكل إلا معهما وإن كان بعض الناس يمزجون مكوناته خصوصا قطع الشحم مع الأزر والسلطات والفلفل الأحمر ويسمونها الخلطة السرية. يتناول الصائم عند إفطاره حبات من التمر وكاسات من الماء المبخر بالمستكى الذي يبرد في الشربة وهي جرة صغيرة مصنوعة من الفخار وتوضع عليها خيشة كي تبرد، ثم يتناول الشربة المعدة من حبوب الشوفان واللحم والطماطم، ومن ثم فنجان القهوة المعدة في الجبنة وهي دلة فخارية، ثم يؤدي فريضة الصلاة، وحال عودته من المسجد يجد السفرة مكتملة بكل العناصر، ومن الأهالي من يحبذ تناول وجبة العشاء بعد صلاة التراويح التي يضاف إليها مع المكونات السابقة وجبة المرسة المحضرة من الدقيق المفحس مع الموز والسمن البلدي والعسل. ولا يكاد البيت الجازاني يخلو من مساحة مخصصة في أحد أركانه وغالبا في الجهة الشرقية توضع فيها أدوات الطبخ القديمة التي تتكون من الميفا وهو تنور فخاري يتنصب وسط (المَرْدَم)، وعلى يمينه توضع المَلَحْة وهي مصنوعة من الفخار بشكل دائري ينضج عليها عجين اللوح المكون من حب القمح الأبيض أو الأحمر أو الدخن، أما المَرَكَّب فيقع على يسار الميفا وهو عبارة عن أثافٍ يشعل فيها الحطب حتى يصبح جمرا وتوضع عليها دلال القهوة أو الجبنة، وإذا كان الميفا يستخدم لخبز الخمير والدقيق والمغش بالإضافة إلى الحنيذ سواء اللحم أو السمك فالملحة ستخدم لإعداد اللوح، والمَرَكَّب للقهوة والشاي. أما السحور الجازاني فغالبا يتكون من المفالت ويحضر من عجين القمح أو الدخن أو الدقيق قبل أن يخمر مع الحليب، كذلك يتكون من الأزر الحلو المحضر مع الحليب، ومن المرسة وبعض الأهالي يفضلون الكبسة على سحورهم.