أكدت الداعية فضيلة الدكتورة إلهام محمد شاهين، عضو هيئة تدريس بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، من ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أمسية أسرتي مبدعة، التي نظمتها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بالتعاون مع مؤسسة التنمية الأسرية، أن الأسرة المبدعــــة هــي عــــنوان الحضـــــــارة والتــقــــدم والاحــــترام والازدهـــار والقـــيادة والــريادة. واستهلت الندوة التي استضافتها مؤسسة التنمية الأسرية، مساء أمس الأول، في مركزها بالبطين في أبوظبي وشهدت إقبالاً كبيراً من الحضور، بقصة تربية أم الإمام الشافعي لابنها، واكتشاف مواهبه، وكيف قامت بتوجيهه وتنمية أوجه الإبداع عنده، قائلة: لعل أجمل ما يمنحه الإنسان ولده أدباً يرتفع به شأنه في دنياه، ويبلغ به فراديس الجنان في أخراه، وحقاً إن اكتساب الآداب والأخلاق الطيبة لدى النشء يجعل له من كمال الذات وحسن السيرة عنواناً وشاهداً على نبل أسرته، ومن ثم فالتربية تحقق للإنسان جمالاً ذاتياً ووقاراً أسرياً، لأجل ذلك اهتم بهذا الأمر العلماء في كتبهم حتى وجدنا الإمام الغزالي وقد ألف كتابه القيم مجموع القصور العوالي فضمنه رسالته التربوية أيها الولد يثبت فيها من دروس الحكمة والتربية لتلميذ له ما ينفعه في دنياه و أخراه، ورأينا السابقات الصالحات من الأمهات المسلمات يحرصن على هذا الجانب التربوي، ويجعلن منه عهداً وميثاقاً بينهن وبين أطفالهن، ولقد أوقفت أم الإمام الشافعي ابنها بين يديها، وقالت له: أي بني عاهدني على الصدق، فعاهدها الشافعي أن يكون الصدق له في الحياة مسلكاً ومنهاجاً. وأشارت الدكتورة إلهام، إلى أن اكتشاف الإبداع في الأبناء يتم بعدة خطوات وأساليب نتبعها في تربيتهم وملاحظتهم منها، زرع الثقة في نفوس الأبناء بينهم وبين والديهم؛ لأن الثقة التي تزرع في نفوس الأبناء تؤدي إلى نزع الخوف الداخلي من الخطأ، والثقة في تسامح الوالدين وتوجيههم للأبناء حباً ورعاية ورغبة في أن يكونوا دائماً أفضل وفي تحسن مستمر، وعندها يتصرف الأبناء بلا حرج ولا خوف، ويخرجون مكنوناتهم الإبداعية والفكرية، فيسألون بلا حرج ويجربون بلا خوف، لتأتي بعدها الخطوة الثانية وهي الملاحظة الجيدة للأبناء وتدوين ما يتميز به كل منهم عن الآخرين باستمرار، وذلك حتى يعرف الأهل إلى أين سيتوجهون بأبنائهم لتنمية قدراتهم، وهل هي حرفية أم ذهنية أم رياضية أم اجتماعية إنسانية أم أدبية أم دعوية، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة العمل على تنمية السلوكيات الإيجابية، التي يجب تنميتها وتشجيعهم عليها وندعمها بكل الإمكانات المتاحة. ولفتت إلى أن السلوكيات التي قد تبدو سلبية على الأهل لكنها تحمل دلالات إيجابية مهمة، وذلك مثل الطفل الذي يقوم بمحاولة لتفكيك لعبة لاكتشافها فيفسدها، وهو ما يحتم توجيه السلوك في الوجهة الصحيحة؛ لأنه ينبغي تشجيع الأعمال الإيجابية بالحوافز وبالتوجيه لأماكن تنمية الإبداع كل في مجاله، والاستجابة لتعديل نمط السلوك السلبي بالحافز.