لكل شيء في هذا الكون نظام تفعيلي تفتح عبره شفرات الأكواد السرية، ومن ثم نستطيع العمل به والاستفادة منه، من هذا التمهيد نبحر في عالم الصحة للبشر، فالله تعالى منح جسد الإنسان قدرة على مقاومة الأخطار العاصفة به من البيئة المحيطة به، بداية من أصغر نوع من أنواع البكتريا والجراثيم الموجودة في الهواء الذي نتنفسه والمياه التي نشربها، انتهاء بالأمراض المعضلة من فشل بعض الأجهزة الحيوية كالكبد أو الكلى، ولا ننسى المؤثرات النفسية المؤلمة كفقدان من نحب التي تلقي بمرساتها على شواطئ طاقاتنا البشرية وتعرقل آمالنا، لكن رحمة الله وسعت كل شيء، فلكل باب مغلق مفتاح ولكل عسر يسر، فالعلم أنار لنا طريق النجاة، عبر كثير من النوافد منها العلاج الوظيفي الذي من شأنه أن يربط ويوظف تلك الطاقات البشرية، وأقصد بها قوة العقل والجسد لتتحدا معا ويتمكن الفرد من توظيفها لخدمة حياته اليومية، ابتداء من نومه حتى نمط حياته اليومي في كل الأمور، سواء في المأكل والمشرب أو العمل والعلاقات الاجتماعية، أيضا في حالات التعب النفسي والبدني، هذا التخصص الجديد في عالمنا العربي لا يعد حديثا في الدول المتقدمة، إذ بدأ بعدما حطمت الأرواح والأجساد في الحرب العالمية الأولى، فكانت الفكرة أن الجسد الذي تهدمت أعضاؤه وقطعت وتزعزعت ركائزه الأمنية، لايزال يملك قوة إرادة كامنة داخل العقل فهو يفكر ويبدع ويسهم في بناء وإعمار الدمار الذي تسببت فيه كارثة الحروب، بدلا أن يهمش ذلك الفرد في مصحات العلاج كمعوق، ليتحول إلى ركام في ركن الحياة، والعلاج الوظيفي هو من سيرشده لتلك الإستراتيجيات التي تمكنه من صقل وتفعيل قدراته الكامنة، ومن ثم تحويل الألم إلى أمل بناء، ومن هنا انطلقت تلك الفكرة لتعزف أجمل لحن عرفته البشرية في عالم الصحة، وتعطي بريقا يضيء الجانب المظلم من متاعبنا اليومية، يهتم العلاج الوظيفي بجميع شرائح البشرية مرضى في أجسادهم كانوا أو أرهقتهم أحزان وهموم أثقلت كاهلهم النفسي، خلاصة القول، النفس والجسد إن استقرت بهما الحياة وتغلبنا على صعوبتها أزهرت أجسادنا بصحة دائما، وإن فقدنا ذلك التوازن لن تهنأ لنا أيامنا. أنوار قاره