×
محافظة المنطقة الشرقية

توفيق عبد الرزاق يترجل ويعلن الاعتزال

صورة الخبر

ويعود إلينا شهر رمضان المبارك؛ شهر الرحمة والمغفرة، شهر العبادة والطمأنينة، شهر تحلُّق الأسرة بكاملها حول مائدة الإفطار. ويعود الازدحام إلى طرقاتنا وأسواقنا، بعد صلاة العصر خاصَّة، ثمَّ يبلغ ذروته في الدقائق الأخيرة المتبقيَّة إلى وقت الإفطار، ونتسارع للعودة للمنزل لننعم بإفطار مع الأسرة، ودعاء مع تناول حبَّات من التمر نفكُّ بها الريق، مُردِّدين الحديث المأثور: (اللَّهُمَّ لَكَ صُمْنَا وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا. ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى). ونبتهل فرحًا؛ بحديث رسولنا الكريم: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ, وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ). وكم يغيب عن أذهان بعض الصائمين سنَّة نبيِّنا، فينطلقون بسيَّاراتهم يُسابقون كالريحِ الدقائق والثواني الأخيرة للوصول للبيت مع أذان المغرب. ويحضرني في وصف هؤلاءِ المسرعين الحديث النبويٌّ: (إِنَّ المُنْبَتَّ (المُسرِع) لا أرضًا قَطَعَ ولا ظَهْرًا أبْقى). ناهيك عن السرعة الجنونيَّة وما يُصاحبها من اكتظاظات في الطرق الرئيسة والفرعيَّة، مما يُفقد بعض السائقين أعصابهم، ويربكهم، ممَّا قد يؤخِّر عودتهم إلى منازلهم لما بعد أذان المغرب، فيتسبَّبُ في قلق أهاليهم مع أنَّهم يدخلون منازلهم حاملين التميس والفول والسمبوسك والعصيرات وخلافه. وفي بعض الحالات تكون حوادث المرور نتيجة السرعة مؤلمة وقاتلة، فيحلُّ الحزن محلَّ الفرح، وتُقام المآتم بدلًا من الألفة والمحبَّة بين أفراد الأسرة وذويهم وجيرانهم. ساعتان من الزمن بعد المغرب، ينطلق أذان العشاء من مكبِّرات صوت المساجد القريبة والبعيدة من منازلنا، وهي لا تقلُّ عن أربعة في كلِّ حارة ومجمع سكني. وقد ثبّتت قوَّة الصوت في المكبِّرات على أعلى درجاتها، رافعة الأذان، ثمَّ صلاة التراويح، التي يقرأ فيها غالبية الأئمة جزءًا كاملًا من كتاب الله، مُتداخلة أصواتهم لتفقد التلاوة حلاوة الإنصات إلى قراءة القرآن والتدبر في معاني آياته. وقد جاء في التوجيه الإلهي قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُم تُرْحَمُوْنَ). خلافًا لما تقدَّم، ترتبك ميزانيَّة الأسرة في هذا الشهر، مع أنَّه شهر صيام، وليس شهر إسراف في الطعام والشراب. وفي ذلك يحضُّ التوجيه النبوي الكريم: (مَا مَلأَ آدَامِيٌّ وِعاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَم لُقَيْماتٌ تُقِمْنَ صُلْبَهُ...)، ناهيك عن المغالاة في تقديم موائد الإفطار والسحور للصائمين في المساجد وفي الساحات المحيطة بها، فتنقلب المساجد وتلك الساحات إلى مطاعم بالمجان من الدقيقة الأولى للإفطار، وحتَّى موعد الإمساك. وحول المساجد وبالقرب منها في مدننا وقرانا عوائل مستورة الحال، قد تكون في أمسِّ الحاجة للطعام والشراب. وحول بلدنا مئات الألوف من الخيام التي تأوي الملايين ممَّن شرَّدتهم الفتن والتقاتل على السلطة في بلدانهم. وجميعهم يفتقدون الدواء والطعام والكساء. وبحلول شهر رمضان تزداد آلامهم ومعاناتهم. وبين يدينا هدي رسولنا الكريم بقوله: (والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ، والله لَا يُؤْمِنُ مَن بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ وَهُوَ يَعْلَمَ). فهل لوسائل الإعلام المرئيَّة دورٌ في التوجيه والإرشاد يتقدَّم على عرضها المتواصل للمسلسلات والبرامج الترفيهيَّة؟!. mdoaan@hotmail.com