بعد مناقشة عامة لاقتراحات قانون الانتخاب تناولت مختلف المسائل المتعلقة بالدوائر والمعايير، اخفقت اللجان النيابية المشتركة في البرلمان اللبناني في توحيد المعايير بين النظامين الأكثري والنسبي على رغم تمكنها في الجلسة السابقة من الدخول في تفاصيل الاقتراحين المختلطين وعرض نقاط التلاقي والاختلاف في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد النيابية. وعاد النقاش أمس الى نقطة البداية، فارجأت اللجان مناقشة القانون الى 22 حزيران (يونيو) الجاري، غداة جلسة هيئة الحوار الوطني في 21 مباشرة، على اعتبار أن قانون الانتخابات سيكون في صلب أعمال طاولة الحوار. وكانت اللجان التي اجتمعت أمس برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري تابعت درس توزيع المقاعد على الدوائر من خلال المشروع المقدم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري (مناصفة: 64 للأكثري و64 للنسبي)، والآخر المقدم من «المستقبل» و «التقدمي الاشتراكي»، و «القوات»، والمستقلين، (68 للأكثري و60 للنسبي)، اضافة الى نقاط الاختلاف الواردة في المشروعين. وبعد مداخلة للنائب علي فياض (حزب الله) أشار فيها الى ان «الحل هو فقط بالنسبية الكاملة»، وقوله: «نحن منفتحون على مناقشة مرنة في ما يتعلق بتقسيمات الدوائر، ومراعاة الخصوصيات الطائفية، كما أننا مستعدون لأن نمضي الى أبعد مدى في ما يتعلق بخصوصية الواقع المسيحي وأخذه في الاعتبار لرفع مستوى تحسين التمثيل المسيحي واختيار الناخب المسيحي لنوابه»، قال النائب أحمد فتفت (المستقبل): «جميع المعايير مهمة، وكل واحد يضع معايير وبعدئذ نناقش، أما إصرار البعض على التمسك بموقفه، فيعني أننا سنعود الى قانون الـ60، اذ لا توجد معايير واحدة». ولفت فتفت الى أهمية أن يبقى النائبان في الدوائر التي تضم نائبين فقط، وهي بشري والبترون وصيدا، وفق الأكثري، لأن فكرة المشروع الثلاثي هي تحسين التمثيل المسيحي. وأعطى مثالاً: في بيروت الثالثة 10 نواب، وفي مشروع الرئيس بري 2 للأكثري و8 للنسبي. وفي المقابل في بعلبك - الهرمل 10 نواب ايضاً لكن 4 للأكثري و6 للنسبي. لا يوجد معيار واحد. وكما توجد هواجس عند المسيحيين هناك هواجس عند السنة والدروز ايضاً. وفي التوزيع في عكار يوجد نائب لأكثر من 60 الفاً، اما في بعلبك - الهرمل فكل 90 الفاً لهم نائبان. وفي زحلة لـ 50 الف ناخب سني نائب فقط. وكما ان الصوت المسيحي في الشمال غارق في بحر السنّة، فإن الصوت السنّي في صيدا غارق في بحر شيعي، وقال: «الموضوع سياسي ويحتاج الى تفاهمات سياسية». ولفت الى أن «مشروع الحكومة 13 دائرة، او لبنان دائرة واحدة لا يمكن السير فيه في ظل وجود السلاح. لأن هذا يعني ان ما لهم لهم وما لغيرهم سيكون لهم حصة فيه ايضاً». وهنا أعاد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل طرح أهمية موضوع الدائرة الفردية. واصفاً المشروعين بأنهما على «قياس اصحابهما». ورد نواب: «ما انت يا شيخ سامي شاركت فيهم». وأبرز الخلاف هو على تقسيم جبل لبنان بين المشروعين، إذ يقترح بري دمج قضاء بعبدا بدائرة الشوف وعاليه، فيما يفصل الاقتراح الثلاثي بعبدا ويضمها إلى المتن وكسروان وجبيل، حفاظاً على الخصوصية الدرزية. وفي مداخلة للنائب مروان حمادة من «اللقاء الديموقراطي» قال: «نحن مع التصحيح المسيحي وضد إلغاء أحد ومع تفهم هواجس الآخرين ومخاوفهم. ففي منطقة الشوف وعاليه أكثر منطقة فيها اختلاط متوازن، في السنة والمسيحيين والدروز، وتوازن في عدد الناخبين، وهذا نحن معه. ولكن الدروز 8 نواب نريد ان نحافظ على الوجودية، ويجب التعاطي مع الشوف وعاليه بميثاقية بسبب التوازن، وضد دمج بعبدا معهما». وفيما عاد النقاش ليراوح مكانه في قانون الانتخاب فإن مكاري (زار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب أمس، ويلتقي الرئيس بري اليوم لوضعه في الأجواء) اقترح ترحيل الجلسة التي كان مقرراً عقدها غداً الخميس، الى ما بعد هيئة الحوار لأنه من صلب جدول الأعمال. وأشار رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم بعد انتهاء الجلسة الى أنه «تم التركيز على الدوائر الانتخابية وكيفية توزيع المقاعد عليها بين النظامين الأكثري والنسبي، وضرورة توحيد المعايير العلمية على كل الدوائر». وأضاف غانم: «لا شيء يخفى في هذا البلد ولا نريد ان نكذب على الناس، بالنتيجة القيادات السياسية هي التي تقرر واللجان النيابية تنفذ. ولذلك من الأفضل ان ننتظر ما سيطرأ في طاولة الحوار، وإن شاء الله يتوصلون الى توافق واتفاق حتى نستطيع ان نكمل في اللجان المشتركة ونقرب وجهات النظر من بعضها بعضاً». اما النائب جورج عدوان (القوات) الذي «خالف ما قاله النائب غانم حول أن القرار ليـــس في اللجان ولا في المجلس»، فأشار الى أن «إحـــدى المـــشكلات التي نعاني منها ان الدســــــتور ضاع والقرار يفترض ان يكون في المجلس حتى لا نكون قد خالفنا الدستور». وقال فياض: «المسار المعتمد في النقاش يبدو انه لن يفضي الى اي نتيجة، المطلوب منهجية أخرى ليكون هناك معيار واحد حاكم للجميع من دون اي استنسابية، سواء أكانت فئوية ام مذهبية ولا اي شيء آخر لأنه عندما ينزلق النقاش الى هذا المستوى ويأخذ هذا الطابع يسمح لكل فريق بأن يطالب ايضاً بأن تؤخذ خصوصيته بالاعتبار». ولفت النائب قاسم هاشم الى ان «المراوحة في النقاش سببها غياب المعيار الموحد والعودة الى الاستنسابية انطلاقاً من هواجس البعض التي هي مذهبية بمجملها». وأكد النائب سيرج طورسركيسيان ان «معركتنا اليوم هي معركة المعايير، ويجب وضع معايير بصورة واضحة للوصول الى نتيجة مشتركة».