في وقت زادت فيه التسريبات بشأن خلافات بين طهران وموسكو حول العمليات العسكرية في سوريا، يعقد وزراء الدفاع الإيراني والروسي والسوري اليوم في العاصمة الإيرانية اجتماعا لبحث الملف السوري وآخر التطورات الميدانية وأداء القوات الروسية. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا» أن تسعة أشهر من التدخل العسكري الروسي سيكون على طاولة اجتماع طهران، خاصة مساهمة القوات الجوية الروسية، كما سيناقش الاجتماع آخر التطورات الميدانية في سوريا والعراق. وذكرت وزارة الدفاع الإيرانية أن الاجتماع الثلاثي سيعقد تحت شعار «مكافحة روسيا للإرهاب في سوريا». في هذا الصدد، ذكرت «إيرنا» أن الاجتماع يأتي في إطار اللجنة المشتركة بين طهران وموسكو ودمشق وبغداد «لمكافحة الإرهاب». ولم تشر الوكالة إلى المشاركة العراقية في الاجتماع رغم فتح الباب على بحث الملف العراقي إلى جانب الملف السوري. من جهتها، قالت وكالة «دفاع برس» الناطقة باسم وزارة الدفاع الإيرانية، إن وزيرا الدفاع الروسي سيرغي شويغو والسوري فهد جاسم الفريج يزوران طهران بدعوة من نظيرهما الإيراني حسين دهقان، وإن الاجتماع سيتناول آخر تطورات المنطقة على الصعيد العسكري. وأضافت الوكالة أن الاجتماع سيناقش سبل تعزيز «مكافحة الإرهاب». وتعد هذه الزيارة الثانية لوزير الدفاع الروسي إلى طهران خلال هذا العام بعد زيارته في فبراير (شباط) الماضي، عندما قالت طهران إنه بحث في زيارته التعاون الروسي الإيراني العسكري. بدورها قالت وكالة «إيرنا» الرسمية إن اجتماع الدول الثلاثة يستعرض ما تحقق منذ دخول روسيا في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى المعارك الدائرة بين النظام السوري والمعارضة. وفي وقت أكد إعلان وزارة الدفاع أن الملف السوري سيكون في صلب المباحثات التي تجري بين وزراء الدول الثلاثة، أشار ضمنا إلى «تحرك إيراني بمشاركة سوريا لإقناع الطرف الروسي بإرسال مزيد من القوات إلى سوريا». وبحسب إعلان وزارة الدفاع الإيرانية فإن الاجتماع سيناقش الخطوات التكميلية لما بدأ منذ دخول روسيا إلى الحرب السورية، وأضاف البيان أن الطيران الروسي العسكري قلب المعادلات الإقليمية بشأن سوريا خلال الآونة الأخيرة. هذا وقد ترددت تقارير بشأن خلافات بين روسيا وإيران حول مسار العملية العسكرية والأهداف في سوريا، كما تناقلت وسائل الإعلام زيارة سليماني لمرتين على الأقل إلى موسكو بعدما أعلن الرئيس الروسي سحبا جزئيا لقواته في منتصف مارس (آذار) المنصرم. في إشارة إلى الخلاف، قال بشار الأسد في خطابه أول من أمس أمام مجلس الشعب الجديد، تعليقا على ما تردد حول خلافات وانقسامات بين حلفائه، خاصة بين إيران وروسيا بشأن العملية العسكرية: «أتمنى ألا نهتم على الإطلاق بكل ما يطرح في الإعلام حول خلافات وصراعات وانقسامات، فالأمور أكثر ثباتا من قبل والرؤية أكثر وضوحا بكثير. لا تهتموا.. الأمور جيدة في هذا الإطار». ولم تتوقف زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى روسيا. وفي مناسبتين، زار مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان ومستشار خامنئي في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي لبحث الملف السوري مع المسؤولين الروس في موسكو. في غضون ذلك، تزامن سقوط عدد كبير من القوات الإيرانية في سوريا مع بدء القوات الروسية طلعاتها الجوية في مختلف مناطق سوريا التي تشهد معارك شرسة بين النظام وقوى المعارضة خلال الأشهر الأخيرة. وقبل أسبوعين، انتقدت أطراف إيرانية ما اعتبرته «التراخي الروسي» في المعارك السورية بعدما أعلن الحرس الثوري مقتل عدد كبير من قواته في معارك جنوب حلب بخان طومان. ووجهت وكالتا الحرس الثوري «فارس» و«تسنيم»، بدورهما، انتقادات لأداء القوات الروسية في حلب معتبرة أن «الثقة الروسية بالوعود الأميركية كانت سببا في تراخي قواتها في حلب، مما كبد الحرس الثوري واحدة من أكبر خسائره في سوريا». وذكرت الوكالة أن المشاورات والتعاون بين الدول الثلاث وتعاونها مع بغداد، ساعدت على تراجع خصومهم في سوريا والعراق. وفي إشارة إلى محاولات إيرانية لإقناع روسيا بإرسال المزيد من القوات إلى سوريا، أكدت الوكالة أن الملف السوري سيكون في صلب المفاوضات بين وزراء دفاع الدول الثلاث. في سياق متصل، أعلن قائد الشرطة الإيرانية، الجنرال حسين اشتري، جاهزية قواته «توظيف طاقاتها» في سوريا، معتبرا إياها «محور المقاومة» في الوقت الحاضر، وفق ما أوردت وكالة «إيرنا». هذا ولم يتحدث اشتري عن طبيعة التعاون الذي أبدت الشرطة استعدادها تقديمه دعما للنظام في دمشق، وفيما إذا كان ينوي إرسال قوات إلى جانب الحرس الثوري والجيش الإيراني إلى سوريا، خاصة بعدما أعلن المساعد التنسيقي لاشتري، محمد جواد كمند زاده في نهاية مارس الماضي جاهزية قوات الشرطة الخاصة لتنفيذ مهام خارج الحدود الإيرانية. ونقلت وكالة تسنيم عن كمند زاده قوله إنه «أعلن بكل جرأة جاهزية القوات الخاصة لمواجهة الأعداء خارج الحدود حفاظا على النظام وقيم البلاد». قبل ذلك بأسبوع كانت طهران قد كشفت عن إرسال قناصة وقوات خاصة تابعة للجيش الإيراني في مهام تصر طهران على أنها «استشارية». وقال اشتري لدى استقباله وفدا حكوميا سوريا يرأسه مساعد وزير الداخلية السوري خالد عبد الله خضر، إن «سوريا وقفت إلى جانب إيران في حرب الخليج الأولى على خلاف كثير من الدول»، معتبرا دعم نظام الرئيس بشار الأسد «واجبا إيرانيا وفقا لأوامر المرشد الأعلى علي خامنئي». على الصعيد ذاته، اتهم اشتري أميركا بالوقوف وراء الحرب الأهلية السورية و«دعم المجموعات الإرهابية». وبرر اشتري قمع الثورة السورية، بقوله: «إن بسط الأمن واجب أي حكومة من خلال قواتها العسكرية والأمنية». يشار إلى أن وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين، أدرجتا في نهاية يناير (كانون الثاني) 2011 الشرطة الإيرانية على لائحة العقوبات، بتهمة المشاركة في قمع الثورة السورية. كما شملت لائحة العقوبات، إضافة إلى قادة الحرس الثوري ومسؤولين، قائد الشرطة الإيرانية آنذاك العميد إسماعيل أحمدي مقدم ومساعده أحمد رضا رادان، بسبب دور الشرطة ومساندتها قوات فيلق «القدس» الإيراني في سوريا. وكانت تقارير منفصلة لوزارتي الخارجية والخزانة الأميركية قد كشفت عن زيارات سرية قام بها العميد رادان إلى دمشق وتقديمه «استشارة» في بداية توجه النظام السوري لقمع المظاهرات التي اندلعت في مختلف مناطق سوريا آنذاك.