ما يقرب من 350 عائلة من القرى التي تحيط بمقر داعش، وجدت الأمان في هذا المخيم المغبر في أبو غريب على مشارف بغداد. بالكاد استطاعوا الهرب من داعش.. ثامر علي كان يعرف أن المسلحين يحاصرون المدنيين، فاختبأ هو وعائلته في منزلهم وتركوا الباب مفتوحاً. عندما اقتربت المعركة من قريته، يتذكر طالب فرحان أن داعش طالب الجميع بالانتقال لمركز الفلوجة ليحتموا بهم كدروع بشرية. عائلته وثلاثة غيرها استطاعت الاختباء من داعش لمدة ثلاثة أيام إلى أن انسحب التنظيم. أم خالد، التي خافت من إعطائنا اسمها الحقيقي، هربت من بلدة الصقلاوية التي كانت تحت سيطرة داعش حتى نهاية الأسبوع الماضي. لكن زوجها واثنين من أبنائها - مثل الكثير من الرجال الذين يأتون من المناطق التي تحيط بالفلوجة - اعتقلوا من قبل المخابرات العراقية لاستجوابهم بعد شكوك حول إمكانية تعاطفهم مع داعش. محمد عناد، في العاشرة من عمره، يستلقي مستيقظاً في خيمة دون حراك تقريباً. فقد أصيب صدره وبطنه بحروق شديدة من الدرجة الثالثة سببها حادث إطلاق نار قبل خروجه من بلدته، لم يستطيعوا معالجته خلال القتال.. ووالده، نجم، لا يملك النقود لأخذه إلى المستشفى في بغداد ليحظى بالمعالجة التي يحتاجها. هؤلاء الناس فقدوا منازلهم، سبل عيشهم، وكل ممتلكاتهم الدنيوية.. وهو قدر شائع في هذه الأرض المدمرة. تقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 12 ألف شخص هربوا من الفلوجة والمنطقة التي تحيط بها، لكن عندما تنظر إلى الصورة الأكبر في العراق، هذا مجرد قطرة في بحر المعاناة. فالأمم المتحدة تقدر أن ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف شخصاً نزحوا من منازلهم في العراق. عالقون في النسيان، هم ينتظرون المعركة لتنتهي.. فلربما يرجعوا إلى منازلهم يوماً ما.. أو ما تبقى منها.