أكد مثقفون ونقاد وناشرون أن معرض القاهرة الدولي للكتاب -الذي بدأ يوم الأربعاء الماضي- يشهد تراجعاً كبيراً في معدلات الإقبال الجماهيري، وإقصاءً متعمداً لكل المثقفين من رافضي الانقلاب، وظل الوضع على هذا الحال حتى اليوم الخامس للافتتاح، بسبب الأجواء التي تعيشها مصر حالياً. وأكد أستاذ الأدب والنقد بجامعة المنوفية د. مصطفى طاحون، أن الإقبال على فعاليات المعرض في العام الماضي كان أكبر وأكثر تنوعاً، على مستوى الفئات الاجتماعية والطبقات المهنية والمراحل العمرية، ومن الريف والحضر. وأضاف طاحون في تصريح للجزيرة نت "حينما يتملك الحزن قلب وروح الشعب، فلا مكان للثقافة أو الكتاب، طالما تطارده الدماء والأحزان، وأعتقد أن المعرض لن يستكمل مدته إلى نهايتها، فلدي إحساس بأنه افتتح دون مراعاة للظروف الأمنية غير المستقرة". عقل: انطفأ وهج معرض الكتاب(الجزيرة) أسوأ المواسم ومن جهته وصف أستاذ النقد والأدب العربي بجامعة عين شمس د. حسام عقل، فعاليات المعرض هذا العام بأنها "أسوأ المواسم على الإطلاق من حيث عدم الالتزام بجدول الندوات، وفزع الناشرين من المشاركة بسبب السياق الأمني المحتقن، وما يمكن أن أسميه عملية الردة الشاملة عن الحريات". وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الظروف أطفأت كل وهج المعرض، فضلاً عن أن من يفكر في المشاركة في فعالياته وأنشطته هو من يقبل بصيغة الانقلاب، وما ينجم عنه من "قرصنة سياسية"، أجهضت إرادة الأمة وطمست خيارها الشعبي. وأكد عقل -وهو عضو تيار هوية- أن قيادات المعرض هذا العام أقصت تماماً كل من يشتم منه رائحة معارضة للمرحلة، بأمر مباشر من الرقيب العسكري، وثمة اتهامان معلبان بـ"الأخونة" أو "الخلايا النائمة"، "وبيقين فإن 90% من الرموز الوطنية الصادقة الفاعلة في المشهد الفكري، تم إقصاؤها بهاتين التهمتين المحنطتين". أجنحة العارضين بدت شبه خالية من الزائرين (الجزيرة) وكان رئيس الهيئة العامة للكتاب المشرف على المعرض، أحمد مجاهد، أصدر بياناً يوم الجمعة الماضي توقع فيه أن يقل عدد الوافدين، مقارنة بالعام الماضي، وقال "نحن نقبل التحدي، ونفتح أبواب المعرض، لنرسل للإرهابيين رسالة تحد فحواها: نحن نريد الاستقرار، ولن ترعبونا". وأكد خالد علي -مشرف مبيعات- أن الإقبال شهد تراجعاً كبيراً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب أحوال البلد السياسية والأمنية والاقتصادية. وأضاف "هذه السنة لم نتحصل على 10% مما كنا نحصله من مبيعات في العام الماضي، ومن يأتي يكون متوقعاً للأسوأ أمنياً، ومتأهباً للجري إذا حدثت أحداث، فكيف يتاح له الاطلاع على عناوين الكتب؟". أيام مرسي حسام يحيى: لم أبع كتاباً واحداً منذ افتتاح المعرض(الجزيرة) وقال ياسر سعيد -مدير تسويق- إن العام الماضي كان أكثر تنوعاً في المعروض من الحالي، مضيفاً أنهم كانوا يعرضون جميع الأفكار بحرية، ومشيراً إلى أنهم الآن لا يستطيعون عرض كتاب لأحد مفكري الإخوان أو منظريهم. وأكد سعيد أن عام الرئيس المعزول محمد مرسي كان إيجابياً، "لأن أسر وعائلات من الصعيد ومن مطروح وسيناء والوجه البحري كانت تأتي للقاهرة خصيصاً من أجل زيارة المعرض، فتزداد المبيعات بشكل كبير". وقال حسام يحيى، من إحدى دور النشر الخاصة "بعد يوم الافتتاح، ولمدة أربعة أيام، لم يشتر أحد من عندي كتاباً واحداً، ومعظم دور النشر الصغيرة لم تتحمل تكلفة الحجز فأحجمت عن الاشتراك، رغم ما في ذلك من احتمال فقدان أماكنها في العام المقبل". وقال حسام الدين محمد -وهو أحد زوار المعرض- "درجت على زيارة المعرض منذ التسعينيات، وفي هذا العام لاحظت أن دور النشر العربية قليلة مقارنة بالعام الماضي حتى السعودية والإمارات، بل والكويت ضيف الشرف، لا يمثلها من دور النشر الخاصة إلا القليل مقارنة بالعام الماضي، والموجود هو دور النشر الحكومية.