×
محافظة المنطقة الشرقية

انطــلاق النسـخــة الثــانية مــن معــرض «فــاشن تـايــم»

صورة الخبر

وَمَنْ يَصنعِ المعروفَ في غيرِ أَهلِهِ يُلاقِ الَّذِي لاقَى مُجيرُ امِّ عامرِ أعدَّ لها لما استجارتْ بِرَحلِِهِِ أَحاليبَ أَلْبانِ اللَّقاحِ الغَزائرِ وأَسمَنَها حتّى إذا ما تمكَّنَتْ فَرَتْه بأنيابٍ لها وأَظافرِ «إعرابي مجهول» بدأت ظاهرة البرامكة في أول عهد الدولة العباسية، بعد أن ناصروا بني العباس في بسط سلطتهم على أرض فارس وما جاورها، والانقلاب على الدولة الأموية. وبلغ البرامكة الذين ينحدرون من أصول فارسية أوج عزهم ونفوذهم في عهد هارون الرشيد، حيث أصبحوا وزراءه ومستشاريه. وقضى عليهم الرشيد سنة 187 هجرية، فيما بات يعرف بنكبة البرامكة. وكانوا قد بلغوا شأنا عظيما واستحوذوا على المال والسلطة والنفوذ. وأصبحوا خطرا يهدد بانتزاع السلطة من أيدي العباسيين والقضاء على الحكم العربي برمته. كل مسؤول مهما صغر أو كبر، تجد حوله ما يسمى بالبطانة أو الحاشية أو الحلقة الضيقة اللصيقة به من المقربين وأصحاب الحظوة. وتضم فئة صغيرة جدًا من بين المرؤوسين المباشرين وغير المباشرين، قد لا يتجاوز عددهم الخمسة. ويتركز دور هذه البطانة في المساعدة على رسم سياسة المنظمة وتنفيذ توجهات المسؤول. وكونها تتحدث بلسانه وتضرب بسوطه، فإن دورها يتعاظم مع الوقت، فتسعى لكسب مصالحها على حساب مصالح المنظمة، من خلال النفوذ المتاح لها. وقد تحتكر السلطة وتعمد للإطاحة بولي نعمتها في أول فرصة تتهيأ لها. نشعر مع هؤلاء البرامكة بالراحة والاطمئنان، حيث إننا نثق بهم. وفي الغالب يكونون من المنتفعين والمنافقين والمتملقين الذين يعطون المسؤول صورة وردية عن كل شيء. فهم يوافقوننا الرأي دائما، ويتظاهرون بدعمنا وتأييدنا، ويمدحون أفعالنا. وهم يساعدوننا على الشعور بأننا دائما على صواب، وبأننا حكماء وأذكياء، وبأن كل الآخرين خصوم وأعداء ومارقون. هذه البطانة تجيد فن التسلق، وقد تُصدِّقنا ولكنها لا تَصدُقنا. فهي تحجب عنا الحقائق فتعمينا عن الواقع. تراهم يتسابقون لجلب الأخبار السّارة وإخفاء الأخبار السيئة. ونتيجة لذلك، يرى المسؤول منا العالم بصورة مشوشة ومسيطر عليها من قبل هؤلاء الذين يغذوننا بما يريدون. وأحيانا قد يكره المسؤول سماع الحقيقة، فيكافئ المتملقين ويعاقب الصرحاء المخلصين. وفي كلتا الحالتين، فالعاقبة وخيمة.كثير من القادة يفشلون بسبب الحلقة الضيقة المحيطة بهم. وذلك يرجع إلى أن هذه الحلقة الضيقة مكونة في الغالب من أشخاص متواضعي الأداء والقدرة. ولكن وسيلتهم الأولى في الوصول إلى الحظوة هي تقبيل أحذية من هو أعلى، وركل من هم أسفل. ويحرصون على أن ينسبوا لأنفسهم الأفكار المبتكرة والإنجازات التي يقوم بها أفرادهم. ويستمرون في البقاء في مواقعهم معتمدين على إنجازات من هم دونهم. قد يشكل وجود نجم صاعد ضمن الدائرة الضيقة تهديدا للقائد غير الواثق من نفسه. لذلك، يلجأ بعض القادة إلى استبعاد الكفاءات والمواهب ليشعروا بالأمان، ويصبحوا هم المرجعية في كل شيء. ولكن القدرة الكامنة والمحتملة لأي قائد تحددها نوعية الأشخاص الأقرب إليه. فإذا كان هؤلاء الناس أقوياء، فبإمكانه أن يحلق عاليًا. أما إذا كانوا ضعفاء، فإنه لن يستطيع أن يحلِّق بأجنحة مكسورة. إن إحاطة القائد نفسه بأفضل ما يمكن من الناس، هي السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف العالية. يقول المتحدث وخبير التدريب «سباسيون ستراسيوغ» إن هناك خمسة شروط، يجب توافرها عند اختيار الحلقة الضيقة المحيطة بالمسؤول. أولها، أنهم يمثلون القدوة في كل شيء. وثانيها، أنهم يمثلون خلفيات وتخصصات ومشارب مختلفة، وليسوا نسخا مكررة. وثالثها، أن لهم ثقلا استراتيجيا وتأثيرا داخل المنظمة. فالدخول المفاجئ لأفراد قليلي الخبرة والتأثير إلى الدائرة الضيقة قد يخل بالتوازن السياسي للمنظمة ويشعر الأكفاء بالإحباط. ورابعها، أن كل عضو فيهم يشكل قيمة مضافة وتفردا في مجال معين. وخامسها، أن كل عضو له تأثير إيجابي على البقية. فالاختلاف في الرأي مهم وطبيعي. ولكن المشاحنات والخلافات الشخصية تدمر البطانة وتستنزف جزءا كبيرا من طاقتها. كما أن هناك حاجة لوجود عدد من الأدوار المتنوعة في الحلقة المقربة للقائد. فأنت بحاجة إلى شخص معارض، يدفعك للتفكير بشكل مختلف من خلال طرح وجهات نظر وأسئلة مختلفة، وتبني أسوأ الاحتمالات وافتراض سيناريوهات «ماذا لو حصل كذا؟»، لتمحيص أفكارك ونقدها. وهناك حاجة للأشخاص ذوي الارتباط بالمستويات الدنيا من المنظمة، وذلك لفهم تأثير قراراتك من وجهة النظر تلك. وهناك حاجة للشخص المتفائل. فهو يقدم لك أفضل الاحتمالات ويمدك بطاقة إيجابية خلال الأوقات الصعبة. ومن المهم أن يكون هناك صوت للزبون، يجعلك مدركا باستمرار لحاجات العملاء ووجهة نظرهم وتوقعاتهم واختياراتهم. ولا بد من وجود العضو العاطفي في المجموعة الذي ينبهك إلى تأثير قراراتك على الناس. وآخرها هو الحكيم، الذي يندر وجوده، فهو يساعدك على البقاء هادئا أثناء الأزمات العاصفة، وهو عقل استراتيجي، يلعب دور الموجّه ولديه وجهة نظر أكثر حيادية من الجميع. قد نستغرب وقوع أحد القادة ضحية لبطانته البرمكية، ولكننا قد نقع في نفس الفخ دون أن نعي ذلك. تحكي الأبيات الثلاثة في صدر المقالة أن إعرابيا أجارَ ضبعة (تُكنّى الضبعة بام عامر)، وأكثرَ قِراها، فلما سمنت وقويت افترسته. وكذا الحال فيمن يقرّب إليه المتملقين وغير الأكفاء، فإنهم يحطون من شأنه وشأن المنظمة. وإن سنحت لهم الفرصة، سيكون أولى فرائسهم.