نحن نحتاجك الآن يا محمد علي أكثر مما كنا نحتاجك منذ وقت طويل، ولكنك رحلت عنا.. لقد آثرت الرحيل في أمسية سبقت حلول شهر رمضان بأيام قليلة.. وقد كنتَ واحداً من مشاهير المسلمين الملتزمين، وكنتَ بطلاً استأثر بالعديد من الميداليات الذهبية الأولمبية. كنت نجماً خارقاً ورجلاً وطنياً وأيقونة عالمية مضيئة. أنت الذي أطلقت على نفسك لقب أعظم رجل في العالم، ثم ما لبثت أن ثبت إلى رشدك واهتديت إلى الإيمان بأن العظمة هي لله وحده. ولو فكرتَ بحال المسلمين هذه الأيام، لاتجه عقلك نحو توجيه انتقاداتك اللاذعة لباراك أوباما، ورفضت ما كان يطرحه أسامة بن لادن. وكنت ستسعى إلى تغيير ما يدور في عقول الأميركيين من أن الإسلام دين غريب وخطر يهدد معظم الأميركيين، حتى أصبح بالنسبة لهم مادة لجدل يتعلق بتناقضه المزعوم مع القيم الأميركية، ودعا الكثير منهم لمنعه والتصدي له. ويعتزم «ترامب» منع دخول المسلمين إلى أميركا، والغالبية العظمى من الأميركيين، وليس الجمهوريون وحدهم، يوافقونه الرأي. ولا يعنيهم قيد أنملة مدى الحقد الذي تنطوي عليه سياساتهم واقتراحاتهم ما دامت تضمن لهم كسب المزيد من أصوات الناخبين. لقد أصبحت القاعدة بسيطة: «كره المسلمين يكسبنا المزيد من الأصوات». ونحن نعلم أن عدد المسلمين الأميركيين ليس كبيراً، ولكننا نجهل سبب كل هذا الحقد الذي ينصبّ عليهم. وربما لا يتعدى عددهم 4 أو 5 ملايين، أو أقل بكثير من عددهم في دول غربية مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وأما الشيء الذي جعل المسلم الأميركي إنساناً مختلفاً فهو محمد علي. فما الذي كان يمثله؟ لقد كانت نسبة كبيرة من العبيد الذين أتى بهم الأميركيون منذ بداية تأسيس دولتهم من المسلمين. ولقد ساهم الكثير منهم، نساء ورجالاً، في بناء الدولة الأميركية، وهم الذين أنجبوا فيما بعد رجالاً مشاهير وأسماء لامعة من أمثال الداعية الإسلامي «الجاه محمد» الذي أسس وقاد تنظيم «أمة الإسلام» من عام 1934 حتى وفاته عام 1975، وهو الذي كان الداعية والموجّه لأميركيين ذاع صيتهم من أمثال «مالكولم إكس» و«لويس فاراخان» وغيرهما. وكان محمد علي واحداً من هؤلاء، ولكنه تنكر لطروحات «مالكولم»، وبعد بضع سنوات اعتنق الإسلام وفق المذهب السنّي. ومات «مالكولم إكس» في شهر فبراير من عام 1965 عن 39 عاماً. وكثيراً ما كنت أتساءل: ما الذي كان سيفعله لو امتد به العمر؟ ... المزيد