يشكل الوقت عنصرا أساسيا في حياة كثير من المجتمعات، ويعد الوقت والالتزام به يعد سمة بارزة لكثير من المجتمعات المتقدمة، وحظي في ثقافتنا الإسلامية بتأكيد وتعزيز على أهميته فأقسم الله به في القرآن في مواضع عديدة، وشهدت كتب السير والسنة النبوية أحاديث صحيحة تؤكد على عظم وأهمية الوقت في الإسلام، وقد أثبتت التجارب العملية أن ترتيب المهمات والأشغال اليومية والشهرية والسنوية حسب الأولويات، يوفر علينا الوقت والجهد والمال ويضمن سرعة ودقة الانجاز، إلا أننا في كثير من الأحوال نغفل أهمية هذا الجانب في حياتنا فنفرط في الأوقات الثمينة ونستمرئ التسويف حتى أصبحنا نعيش في مجتمع ينطبق عليه اللفظ الدارج «ماشين بالبركة» أي بدون تخطيط وترتيب في مهامنا اليومية الأساسية والثانوية. «الرياض» استطلعت رأي العديد من المختصين لمعرفة سبل استغلال واستثمار الوقت وإدارته بالشكل السليم. تأكيد شرعي في البداية أكد سلمان الجمل -رئيس العلاقات العامة بإدارة تعليم الأحساء سابقا- أن الإسلام اهتم بالوقت، وحث المسلمين على العناية به واغتنامه، فقد اقسم الله سبحانه وتعالى به في أوائل عدد من سور القرآن الكريم، منها قوله تعالى (والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى)، كما حثت السنة النبوية الشريفة أيضا على اغتنامه وعدم التفريط فيه، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتكم قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك). وبيّن الجمل أن إدارة الوقت تعني إدارة الذات نحو الاستثمار السليم للوقت الشخصي، أو لوقت الدوام الرسمي في جميع المجالات والأنشطة بما يحقق الأهداف المرسومة، والتغلب أو الحد من العوامل المؤدية إلى هدره باتباع استراتيجيات التعامل معه باعتباره مورداً نادراً ما مضى منه لا يعود ولا يعوض، مضيفاً: يشير المفكر الإداري ماكنزي إلى أننا لا نستطيع أن ندير الوقت، وأن ما نستطيعه هو إدارة أنفسنا في مواجهة الوقت، ويذكر ماكنزي أن بوسع أي إنسان يبذل جهداً أن يوفر ساعتين من وقته يومياً، أي عشر ساعات أسبوعيا، أي أربعين ساعة في الشهر، ويحصل بذلك على أسبوع إضافي كل شهر، أي أثنى عشر أسبوعاً كل عام بمعدل ثلاثة شهور من العمل الإضافي سنوياً، ولتحقيق ذلك لابد من إدارة فعالة للوقت، ولتحقيق إدارة فعالة للوقت يتطلب التخطيط للوقت فكل دقيقة تنفق في التخطيط توفر ثلاث إلى أربع دقائق في التنفيذ. استراتيجيات للوقت وقال الجمل: يستطيع الشخص أن يعتني بوقته، بالتخطيط ووضع الأهداف، وترتيب الأولويات وإتباع عدد من الإستراتيجيات التي تضمن العناية بوقته، ومن المهم عمل مصفوفة الوقت جدول للمهم والعاجل لتحديد الأوليات بين المهم العاجل وغير المهم العاجل، غير المهم وغير العاجل، ومهم غير العاجل، ولكي يخطط الشخص لوقته لابد أن يعمل تحليلا لوقته بتدوين المهام التي قضاها خلال اليوم، وكم استغرقت منه، ثم سيجد الوقت الكبير الذي صرفه في مهمة لا يستحق أن يصرف فيه، فمثلاً لو وجد وقته في الإستراحة أطول من وقته الذي يقضيه عند الأسرة، أو حتى أحياناً أطول من وقت العمل، إذاً هذا خلل، يجب معالجته، فالتخطيط للوقت مهم، لذا أكتب أهدافك، وأعمل مصفوفة جدول الأولويات، وحدد جدولك اليومي، وتفحصه، وطبق قاعدة 20 / 80 أو قانون باريتو وهو أن 80 %من النتائج يمكن انجازها في 20 %من الوقت أو الجهد. سلوكيات الانضباط وأكد د. عبدالعزيز السلمان -أستاذ التربية وعلم النفس والتربية البدنية المساعد بجامعة الدمام- أن النظام عندما يحل في أي مكان وأي عمل يكون نتاجه أفضل بل وأعمق، وهذا الأمر لا يأتي بين عشية وضحاها، فإذا ما أردنا أن نحصد نتائج جيدة في أي عمل لابد من التخطيط له مسبقاً، وبما أن نتائج النظام والترتيب إيجابية وتعود على أصحابها بالفائدة، بل والبلد بشكل عام لذا وجب علينا تعليم النظام من الأساس في مدارسنا لأنه أمر مهم للنجاح والإنجاز، ولكن وبكل أسف ما نراه اليوم من عدم نظام وعدم ترتيب وهو نتاج تراكمات سابقة وخبرات سلبية في حياتنا حتى أصبحت الفوضى والعشوائية سمة في حياتنا تحولت هذه السمة إلى عادة والعادة أصبحت سلوكا بل إننا في أحيان كثيرة نجاهر بالفوضى ونعيب على من هم منظمين لدينا، فلو نظرنا إلى النماذج الناجحة لدينا في المملكة لوجدناها تضع التخطيط والتنظيم، وهي أهم عناصر الإدارة الناجحة ولوجدتها تضع هذه العناصر من أهم أولوياتها وخذ على سبيل المثال شركة ارامكوا كنموذج وكذلك معهد الإدارة العامة لديهم خطط وتنظيم يجبرك على احترام هذه المؤسسات أما البقية فالأمر يحتاج لإعادة نظر وبشكل مكثف جداً، أما على المستوى الشخصي فإن الإنسان الناجح هو من يرتب أولوياته ويضع لنفسه أهداف قصيرة وبعيدة المدى لكي يحقق ما يصبوا إليه بوقت محدد وبطريقة سلسة تضمن له توفير جهد كبير كذلك، والأسباب الحقيقية خلف ما نعيشه اليوم من ضياع للوقت والجهد، هو عدم تحديد الهدف وعدم معرفة ما نريد تحقيقه بالفعل، فتارة تجد الفرد منا يجعل له هدف وفجأة تجده غير أهدافه أو حتى ألغاها نهائيا مما يدل على تخبط وعشوائية مصدرها خبرات سلبية سابقة وكذلك عدم الالتزام بسلوكيات الانضباط والالتزام منذ الصغر، لذا فإن أهم الحلول هو تعليم التخطيط وتطبيق الانضباط في المدارس الحكومية وبشكل مكثف الأمر الذي سيبرز أهمية عناصر الإدارة من تخطيط وتنظيم وإشراف ورقابة. وأضاف: أما ثاني الحلول وهو فرض الأنظمة الانضباطية في الأماكن العامة بل وفرض العقوبة على من يخترق النظام لكي يصبح هذا الأمر عادة تسمى عادة احترام الأنظمة والقوانين وبالتالي يتحول الأمر إلى سلوك يتحلى به جميع أفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم وبالتالي نوفر الكثير من الوقت بل وننهي أعمالنا بدقة وجهد أقل، وأخيرا أنصح الجميع بالبدء بتحديد أهدافهم القصيرة والطويلة المدى والعمل على تحقيقها بنظام مع مراعاة العقبات التي تواجهنا، الأمر الآخر هو ترتيب وضبط الوقت لتحقيق هذه الأهداف بما يتناسب والإمكانيات المتاحة ومن يعمل على ذلك سيلاحظ الفرق في جميع أمور حياته. ردة الفعل اللازمة بدوره قال علي الوباري -أخصائي اجتماعي-: مع الأسف نعيش جو الطوارئ وردة الفعل للأزمة، والتخطيط الاستراتيجي المسبق المبني على الأهداف غائب في حياتنا على المستوى الفردي و الجماعي بل حتى على المستوى المؤسساتي، ونتيجة لطريقة ماشين بالبركة تم هدر الكثير من الوقت في حياتا العلمية والمهنية، والمعروف أن الوقت لا يعوض، ولم نحسب الوقت بالانجازات المبني على التخطيط والتنظيم. وأضاف: عندما تخطط بطريقة علمية تضع نصب عينيك قاعدة الأولويات التي تحدد ما هو مهم وعاجل ومهم لكنه غير عاجل، ومفاهيم تنظيم الحياة بالتخطيط وإدارة الوقت توفر لنا الوقت في انجاز المهمات، والعمل بمبدأ التفويض، ومن خصائص التخطيط المسبق أنه يجنب الفرد والجماعة خسائر في الأرواح والأموال، لكننا للأسف لم نعتاد في قاموس حياتنا أن نضع جدول يومي أو أسبوعي أو شهري لإنجاز المهمات سواء على المستوى الشخصي و المهني، ولم نعتاد هذا المناخ من إدارة الوقت في المنزل ولا المدرسة ولا في البيئة الاجتماعية، وبالتالي الأجيال لم يعيشوا إدارة الوقت والتخطيط لأي مشروع أو نشاط، فمن بداية الحياة الدراسة يكون استعدادنا إذا اقتربت فترة الاختبارات بحيث تنعكس على النتائج، كذلك في حياتنا المهنية نعيش العشوائية التي تفتقر إلى الرؤية ودراسة الظروف الحالية والمستقبلية حتى يتم وضع الأهداف والتخطيط لتنفيدها، ونتيجة لهذا التخبط والعشوائية وعدم التخطيط المسبق للمهمات قصيرة الأجل وطويلة الأجل لا نستطيع أن نميز بين ما هو ضروري وثانوي وبالتالي فقدنا ميزان الأهم والمهم، مؤكدا في نهاية حديثه أنه لا بد من استيعاب أهمية إدارة الوقت وهو مدخل ضروري في التخطيط والتنظيم وتحقيق الأهداف. دليل النجاح وشدد حمد النجم-مشرف التربوي بإدارة تعليم الأحساء - أنه للوصول إلى ترتيب مثالي للأولويات اليومية لابد من تنظيم الوقت فلا نجاح في يومك بدون ذلك، ولتنظيم الوقت يجب أن تحدد الأعمال ذات الأولوية لإنجازها وفق الأهمية سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية وذلك من خلال إعداد قائمة بتلك الأعمال والتخطيط للطريقة المثلى لتنفيذها بكل جودة وإتقان عبر الهرم اليومي لتنظيم الوقت، وأهم خطواته وجود قائمة بالمهام اليومية، وأهمها إتباع تعاليم الدين الإسلامي كأساس يؤدي لنجاحها، فمتى ما التزم الفرد بخطوات هذه القائمة اليومية تحقق له تنظيم اليوم وفق الأولويات في كل شيء. تراتبية المهام من جانبه يرى عبدالجليل الحافظ أن ما نعيشه من فوضوية وعدم تراتبية في الأعمال يكاد أن يكون هو منهج حياتنا في المنزل والعمل ومع الأهل والأصدقاء، في حين نرى الغرب ينظمون أعمالهم حتى ما هو تافه منها في نظرنا، ففي أوروبا يستطيع أن يخبرك رب وربة المنزل ماذا سيتناولون من طعام على وجبة العشاء مثلا على مدى الأسبوع القادم وماذا سيقدمون من ضيافة لأصدقائهم المقربين حين يقدمون لزيارتهم المتفق عليها مسبقاً، أما نحن فنعيش الفوضى في كل ما ذكر أعلاه فذهابنا للسوبر ماركت يعني أن نشتري كل ما تقع عيننا عليه وبكميات لا نحتاجها وأكثر من طاقتنا مما يجعل مكب النفايات مستقرها حينما تنتهي صلاحيتها من دون أن نستعملها لأننا قد نكون نسينا أننا قد اشتريناها، وأكبر دليل على ذلك أيام رمضان القادمة. وأضاف: نعيش الفوضى في حياتنا الاجتماعية بشكل كبير فما أكثر ما نذهب لزيارة أقرباء أو أصدقاء لنفاجأ أنهم غير موجودين حينما وصلنا لمنزلهم لأننا لم نكلف أنفسنا عناء الاتصال بهم، وهذه الفوضى الحياتية نقلناها معنا إلى أعمالنا لأن هذه هي طباعنا وحياتنا ولا يمكن أن نكون فوضويون في مكان ومنظمون في المكان الآخر، فكم من خطة عمل لا نقوم بها وكم من تعميم نرسله للموظفين أو نستقبله في ساعة تنفيذه أو بعد انتهاء وقت تنفيذه وكأن هذا الأمر لا نعرف وجوده من قبل ولا نعلم عنه وقد فوجئنا بمقدمه علينا، ولهذا أنا متأكد أنا متأكد أن قلة قليلة من أفراد مجتمعنا من يقوم بعمل جدول لأعماله اليومية أو أعماله الأسبوعية وما سيتخذه من قرارات، واختم بمثال آخر وهو العطلة الصيفية والتي نعلم كلنا متى ستبدأ عطلة هذا الصيف من عشر سنوات مضت ولكن قدومها علينا كأنه قدوم سحري مفاجئ فنرى أغلب الناس يبدؤون في اتخاذ قرارات السفر وإلى أين مع بداية العطلة وترتفع التكاليف عليهم مضاعفة، فيما لو خططوا من قبل وحجزوا تذاكر طيرانهم وفنادقهم منذ وقت مبكر لزاد ذلك من نجاح الرحلة وقلل من التكاليف. استثمار التقنية وأشار عبداللطيف الوحيمد -كاتب وشاعر- إلى أن الوقت مشروع مهم وخطير وحيوي وبنّاء يحتاج إلى إدارةٍ كأي مشروعٍ تتطلع إلى نجاحه والاستمتاع بمكاسبه، وقد قيل (الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك) أي أن لم تقضيه فيما ينفعك ويفيدك ويخدمك ويخدم غيرك قطعك عن الحياة بالموت دون تحقيق ما تريده في حياتك لذا لابد من تنظيم هذا الوقت وفق مهامنا وأشغالنا وحاجاتنا وواجباتنا العملية والعلمية والاجتماعية والدينية والثقافية، ولابد من تقديم الأهم على المهم وعدم التسويف في تنفيذ الأعمال والمهام لأنه يؤدي لتراكمها حتى تغدو جسيمةً وكبيرةً وثقيلة، فينثني العزم وتفتر الهمة عن انجازها ونخسر مصلحة كان من الأحرى اكتسابها والاستفادة منها بل قد يجر علينا عدم إنجازها خسارة مادية وربما مشكلات مع أنفسنا وخلافات مع أهلينا أو الآخرين لذا فإني أرى من الضروري الاستفادة من قائمة المهام في أجهزتنا الهاتفية المتنقلة بكتابة المهام المراد انجازها أولاً بأول مهما كان صغرها أو مستوى أهميتها واستعراض هذه القائمة يومياً لاختيار ما يسمح لنا الوقت بانجازه مع الاستفادة من خاصية التقويم الزمني في هواتفنا وذلك بتسجيل المواعيد الصحية ومواعيد المناسبات الاجتماعية والمواعيد الشخصية وغيرها لتذكيرنا بها قبل موعدها بيوم أو بساعات وبذلك تسير حياتنا منظمة وأوقاتنا وبرامجنا مرتبة وتتحقق لنا الراحة النفسية والبدنية مع الاستفادة من الوقت فيما يخدمنا ويحقق مصالحنا وغاياتنا وأهدافنا. مشغولون بالأمور الثانوية وأكد أمير بوخمسين -كاتب- أنه جرت العادة على تداول مفهوم البركة في حالة الشخص متخبطاً عفوياً، وهذا يعتبر مفهوماً خاطئً حيث يطرح الله عز وجل البركة في التخطيط والتنظيم والحركة الإيجابية المبنية على أساس سليم وصحيح، وليس فوضى أو عفوية، لذلك عندما نطلق اسم البركة يجب أن نحدد ما هو مفهوم البركة حتى نعرف أولوياتنا، فالبركة ذكرها الله سبحانه وتعالى عدة مرات، وجميع الروايات والرسالات السماوية أكدت عليها في مصاف الحركة والسعي المبرمج والممنهج، أما في حالة وضعنا الحالي سواء على الصعيد الفردي أو الإجتماعي، فالتخبط واللا تنظيم هي السمة السائدة في حياتنا اليومية وبالتالي لا يحق لنا أن نطلق على هكذا حال البركة بل الفوضى، هنا يجب أن نقف مع أنفسنا ونفكر بتمـّعن و تأمل فإذا لم نعرف أو نفهم محتوى هذه المعاني فكيف الحال بنا في تحديد أولوياتنا ومهماتنا، فالكثير إذ لم أقل الكل إلا ما أستثني لا يعرف ما هي أولوياته وما هو الأهم، وحتى لو حدد أولوياته ترى الفرد منا في منتصف الطريق أو بداية الطريق يقوم بإلغاء ما خطط له وبالتالي يترك الأمور تسيّرها الفوضى، كما هو حال أسرنا ومجتمعاتنا وبالتالي أمتنا التي تعج بالفوضى العارمة والتي لم تستطيع تحقيق أي هدف لا على الصعيد الشخصي ولا على الصعيد الأسري ولا الاجتماعي، فضياع الأموال والوقت والجهود كلها تذهب هباء منثورا، لعدم تنظيم أنفسنا والإغراق في الأشياء الثانوية والتافهة. عدم اهتمام الموظف بوقت انجاز المعاملات سبب تراكمها ومن ثم تعطيل مصالح المراجعين د.عبدالعزيز السلمان سلمان الجمل حمد النجم علي الوباري أمير بو خمسين عبداللطيف الوحيمد عبدالجليل الحافظ ترتيب الأولويات حسب الاهم يوفر الوقت والجهد نحتاج لترتيب التزاماتنا اليومية بدقة حتى ننجزها في وقتها احترام الوقت والمواعيد دليل وعي وانضباط لدى الشخص