لم تمض على وفاة الموسيقار طارق عبدالحكيم، المرتبط بأذهان السعوديين حينما يشدون بنشيدهم الوطني، عام ونصف العام، إلا أن عبدالحكيم الذي أنطلقت مسيرته حينما التحق بالسلك العسكري 1939 ، كان له جدول رمضاني مختلف عن غيره من الشهور، إذ كشف ابنه سلطان طارق عبدالحكيم لـ»الحياة» أن والده كان يعتزل التلحين والعمل الموسيقي خلال شهر رمضان المبارك، مردداً المثل الشعبي الشهير «كل شيء في وقته حلو»، لافتاً إلى أن والده كان يؤم أبناءه وأحفاده لصلاة المغرب في شهر رمضان. ويقول إن أسرة طارق الذي لديه 13 حفيداً افتقدت كثيراً إمامة والدهم لصلاة المغرب، إذ كان يؤم أحفاده وأولاده بشكل دائم، رافضاً عدم وجود أحد أفراد أسرته على سفرة الفطور، ما يضطر بهم الأمر إلى رفض جميع دعوات الإفطار التي تردهم. رغم عدم مفارقة العميد المتقاعد طارق عبدالحكيم سفرة إفطار منزله طيلة الشهر، إلا أنه كان يخصص يوماً واحداً يخرج فيه للإفطار بصحبة فرقة أبو سراج، وذلك لأنه هو من أسسها. وبحسب -ابنه- كان طارق عبدالحكيم يفضل أن يذهب بنفسه إلى جلب الفول، وكان الجميع يبادر بشراء الفول والتميس وتسليمها له حتى لا ينتظر طويلاً في الوقوف بطوابير الانتظار، إلا أن رمضان الأخير لم تمكنه حالته الصحية من الذهاب بنفسه ما جعل أولاده يقومون بهذا الدور. ويؤكد ابنه أنه كان يحرص على قراءة القرآن في شهر رمضان، مخصصاً وقت القراءة من بعد صلاة العصر وحتى المغرب، مخمناً أنه كان يختم القرآن مرتين في الشهر. ويضيف أن بعض النقاشات الفنية كانت تدور في بعض الجلسات مع رفاقه، إذ كانوا يتحدثون عن بعض الأعمال الفنية المخصصة لشهر رمضان. وجرت عادة عبدالحكيم الرمضانية أن يستقبل أصدقاءه وزملاءه في مركازه الواقع في منزله، والذي يسمى بمركاز العميد طارق عبدالحكيم، إذ كانت تجلس فيه شخصيات بارزة من المسؤولين، المثقفين،الأدباء ورجال الأعمال، مثل رجل الأعمال صالح كامل وكذلك محمد عبده يماني، كما أن وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود كان يخص طارق عبدالحكيم بزيارة خاصة في منزله. وزاد أن والـده كان يســـعى للوصــال بأصدقائه ودعوتهم بشكل دائم في شهر رمضان إلى مركازه الخاص. ولا ينـفك سلطان من تذكر قصة طريفة وقعت لوالده، إذ دعته إحدى فرق الفنون الشعبية في محافظة ثول لحضور إحدى المناسبات دون مقابل، وطلب منهم أن يوصلوه إلى المنطقة لعدم معرفته للطريق، وأثناء قدوم أعضاء الفرقة اتصل ببعض أصدقائه لمرافقته، وحضروا إلى المنزل بسيارات فارهة، بينما أعضاء الفرقة جاءوا بسيارة من موديل قديم (موديل 80)، وطلبوا أن يركبوا معه بسياراتهم الفارهة، لا سيما وأن سيكون في استقباله مسؤولون في محافظة ثول، إلا أنه رد عليهم قائلاً «هؤلاء هم من دعوني إلى هذه المناسبة وأتوا من ثول لإيصالي لذلك سأركب معهم»، وحين أوصلوه إلى المناسبة أدخل رجال الأمن السيارة المتواضعة التي كان يركبها طارق عبدالحكيم، ورفضوا إدخال السيارات الفارهة وطلبوا منهم الوقوف في المواقف المخصصة. وكشف سلطان أن والده كان يرفض بشدة أن يقبّل أولاده رأسه ويديه، رغم حبهم الشديد له، إذ لم يستطع أن يقبّل يد والده طيلة عمره سوى بعد وفاته وقبل مواراته للثرى.