في العالم الثالث إذا لم يكن من مواهب الوزير موهبة (شم) رائحة الفساد ومطاردته فإن عمله وجهوده تصبح بلا جدوى؛ لأن هذا العالم استمرأ الاعتداء على الحقوق والمال العام نظرا لغياب آليات المراقبة والمحاسبة التي تطال الكبار كما تطال الصغار. ولذلك يمكن أن نعتبر أن من أهم مواهب الدكتور توفيق الربيعة، وزير الصناعة والتجارة سابقا ووزير الصحة حاليا، هو قدرته، إداريا وتنفيذيا، على كشف ما تحت (الطاولات) من المياه العفنة وتصحيح جريانها لكي لا تزيد عفونة ولكي لا يطمع لاحقا من في قلبه مرض وجشع. الوزير الذي قضى، إبان توليه التجارة، على فساد كثير من التجار ومنع استغلالهم للمستهلكين الذين لا حول لهم ولا قوة بدأت مطرقته الإصلاحية تهدم جدران الاستهتار في القطاع الصحي. وقد أصبحنا أمس على إعلان سعيد باتخاذ وزير الصحة قرارا، غير متردد، بإيقاف شركة (أمانة للتأمين التعاوني) بعد ثبوت مخالفتها إصدار وثائق تأمين صحي غير حقيقي. ولكم أن تحللوا اسم هذا الشركة لتعرفوا إلى أي مدى بلغت الجرأة بأصحابها ومديريها فهي (أمانة للتأمين) لنكتشف أنها تضع لحية للتمويه ولممارسة الخيانة وليس الأمانة. لا أشك مطلقا بأن غير هذه الشركة، في كل القطاعات ذات العلاقة بالاستثمار، تفعل الشيء نفسه أو تقول ما لا تفعل اعتمادا على ثقة الناس المطلقة بالأسماء والتوصيفات الخادعة وعلى أن جهاز المراقبة الرسمي يغط في نوم عميق. وهنا تتجلى موهبة الوزير المشفوعة بإرادة حقيقية بالقضاء على كل وجه للفساد أو الاستهتار بغض النظر عن هيئة الفاسد أو صفته أو حجمه، حتى أنني أكاد أقول بأنه وضع قواعد لعلاقة التجار بالمستهلكين والمستفيدين من بضائعهم وخدماتهم تصلح بأن تكون قواعد للتطبيق في كل مكان وتحت قيادة ومسؤولية أيا كان ممن تقلدوا مناصب إدارة حاجات الناس والحفاظ على نظافتها وسلامتها. لذلك، مع أنني قليل التفاؤل بتخليص عالمنا من الفساد، إلا أنني شديد التفاؤل بأن وزير الصحة سيطهر هذا القطاع من داخله ومن خارجه لأن القدرة على التطهير والتصحيح موهبة أصيلة لديه. وهو وجد في السابق، كما يجد الآن، سندا قويا من الدولة ليواصل عمله وتصحيحاته لقطاعات تغري بمزيد من الاستهتار ومزيد من الفساد والاعتداء على الحقوق. وفي يقيني أن درس شركة التأمين الموقوفة الأخير درس كبير وقاس، سيعلم غيرها، من أعلى القطاع الصحي إلى أدناه، أن مطرقة الإصلاح قادمة وقادرة على الجميع. وأن الجميع يجب أن يعملوا بما يرضي الله والناس وإلا سوف يواجهون سوء عاقبة فسادهم واستهتارهم، وكما يبدو لن يستثنى من ذلك أحد. osaimin143@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 178 مسافة ثم الرسالة