×
محافظة الرياض

رحلة ترفيهية لمسني دار الرعاية الاجتماعية بالرياض إلى حريملاء

صورة الخبر

صدر كتاب "رحلة إلى نجد" لليدي آن بلنت للمرة الأولى بالإنجليزية عام 1881 وترجمه إلى العربية لأول مرة عام 1967 محمد أنعم غالب تحت إشراف الشيخ حمد الجاسر، الذي كتب مقدمة الكتاب، إلا أنها ترجمة ناقصة، ثم ظهرت الطبعة الكاملة من هذا الكتاب عن دار المدى للثقافة والنشر، وقام بالترجمة أحمد أيبش، الذي أضاف في الهامش تعليقات كثيرة، وتقع الترجمة في (531) صفحة. والكتاب من المصادر المهمة التي لا يستغني الباحث في تاريخ المنطقة ومجتمعها عنه، لذلك فقد كان ظهور طبعته العربية الكاملة من الأمور التي سر لها القارئ العربي. حديثنا اليوم عن هذه الرحلة ومؤلفتها مع عرض لبعض الرسومات التي ضمتها الرحلة وبعض الصور المتعلقة بها. آن بلنت: آن بلنت على الفرس بلباس عربية. ولدت الليدي آن بلنت عام 1837م، وتوفيت عام 1917م، لأسرة إنجليزية تحتل مكانة اجتماعية عالية، وهي حفيدة اللورد جورج بايرون الشاعر الإنجليزي الكبير، واسمها الحقيقي آنا بيلا كينك توبل، وحملت اسمها الشهير بعد زواجها من ولفريد سكاون بلنت عام 1869 في لندن، وكانا قد التقيا للمرة الأولى في إيطاليا عام 1866. ولأن الزوجين من عشاق المغامرة وهواة الاستكشاف فقد قررا القيام بسلسلة رحلات إلى الشرق الأوسط بدأت عام 1877م، واستمرت على مدى ستة أعوام كان آخرها (رحلة حج إلى نجد).. ولعل أفضل من يحدثنا عن رحلتها هو أحمد أيبش الذي قام بترجمة هذه الرحلة والتعليق عليها، وسأورد كلامه بتصرف لا يخل بالمعنى. ولفريد سكاون الرحلة: غادر الزوجان لندن عام 1877 مبحرين إلى المغرب العربي، ومنه إلى ميناء الإسكندرية، ومنها انطلقا في قافلة يقودها الحاج محمود الحلبي إلى مدينة حلب في شمال سورية، حيث أقاما شهرا في ضيافة القنصل البريطاني المستر سكين، منه استعلما عن الظروف التي تمر بها المنطقة، وأحوال الطرق وكيفية التعامل مع البدو، واستمعا منه إلى قصص البادية العربية وأخبار أشهر فرسانها، أمثال الشيخ أحمد بك الموالي والشيخ جدعان بن مهيد والشيخ عبد الكريم الجربا وغيرهم. قاما في حلب بشراء كل ما يلزم للرحلة على طول الفرات من الرقة إلى دير الزور برفقة الحاج محمود الحلبي والطباخ حنا، مع مجموعة من رجال الدرك العثماني، وبوصولهما إلى الفرات مطلع عام 1878م تحقق أول أهداف الرحلة. صورة ضوئية لإحدى مسودات الليدي آن بلنت. بعد ذلك أنطلق الزوجان إلى بغداد وحلا ضيفين على الباشا التركي وتعرفا على أحمد أغا من أمراء المسلمين في الهند، الذي كان يعيش منفيا في بغداد، وبمساعدته تمكنا من التسلل إلى بدو شمر في شمال الجزيرة الفراتية، فنزلا ضيفين على الشيخ فارس الصفوق الجربا، ثم عادا ثانية إلى الدير حيث تملكهما الخوف من غضب الحكومة العثمانية التي كانت تشكك في نواياهما. ولم يطل بهما المقام هناك، حتى أرسلهما الباشا ضمن فريق من الحراس، يقودهم دليل تدمري هو محمد بن عبد الله العروج، من بني لام من قبيلة طيء (وعلاقته بهما ستضحي محور الرحلة الثانية إلى نجد). أما الوجهة فكانت تدمر ومنها إلى دمشق، وبعد زيارة تدمر تحققت الأماني بهروبهما ثانية إلى البدو جنوبي تدمر، واللقاء بالشيخ جدعان بن مهيد شيخ عشيرة الفدعان العنزية، وهناك تجولا في مضارب عشيرة السبعة والفدعان والولد على الرولة، في المنطقة الواقعة جنوبي تدمر باتجاه الغرب حتى مشارف دمشق، فكانت فرصتهما الثمينة لدراسة أحوال البدو وارسان (سلالات) خيول البادية وسياسة الحرب بين القبائل.. وأخبار هذه الرحلة الفراتية مدونة في كتاب آن (عشائر بدو الفرات). آن بلنت في مطلع شهر ديسمبر من العام ذاته 1878، كانت الليدي آن بلنت وزوجها على موعد مع (خويهما) البدوي التدمري محمد العبد الله العروج، ليقود القافلة من دمشق إلى شمالي الجزيرة العربية، مرورا بحوران واللجاة والحماد ووادي السرحان والجوف وصحراء النفود، حتى مدينة حائل معقل الأمير محمد بن عبد الله آل رشيد، الذي طبق صيته الأفاق، فكانت آن وزوجها ثالث الرحالين الغربيين الذين زاروا حائل آنذاك، من بعد وليم بالكريف عام 1862، وتشارلز داوتي عام 1877. لقد أحبت آن الصحراء، واعتبرت أن الحرية في العالم لا تتمثل إلا في البادية، بعيدا عن الباشوات واللوردات وشرطة الحكومة. من رسومات الرحلة. عندما وصل الزوجان بلنت إلى بغداد في السادس من آذار (مارس) 1879م، قررا متابعة رحلتهما إلى إيران حيث كانت وجهتهما مدينة بوشهر على الخليج العربي، ليركبا منها السفينة عائدين إلى إنجلترا، غير أن هذه الرحلة كانت أسوأ ما مر بهما من رحلات على الإطلاق، فلقيا بها التباريح والمصاعب وسقط ولفريد فريسا للزحار حتى كاد يموت. وصفت آن مرض ولفريد وكيف تسهر على علاجه فلا تنام من الليل إلا يسيرا بل تغفو على سرج حصانها أثناء الليل، وفي بعض مراحل الطريق لم يكن أمامها كدليل إلا مجموعة برج العقرب النجمية، كانا تارة ينامان بين الأشواك الواخزة وطورا يجتازان أنهارا عميقة شديدة الجريان. على ذلك كله لا يسع القارئ إلا أن يبدي أشد الإعجاب بجرأة آن وقوتها وإصرارها العجيب على التعامل مع الصعاب برباطة جأش لا يملكها في العادة إلا الرجال. فعلى نقيض ما كان معروفا عن السياح الإنجليز في العصر الفيكتوري، لم يصطحب آل بلنت معهما حاشية مرافقة، ولمدة أكثر من شهر في سفرة إيران لم يكن لديهما من الخدم إلا واحدا، كانا يقومان بتحميل الأمتعة على الأطواف الجليدية ويمتشقان الأسلحة دفاعا عن النفس من خطر الغزاة وقطاع الطرق، وينصبان خيمتهما، ويصطادان عشاءهما لوحدهما، فان لم يظفرا بأي شيء كانا يجمعان الجراد ويشويانه بأيديهما، والصيد غالبا ما يكون للغزلان والأرانب والحباري.