أفاد تقرير جديد نشره معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز، المتخصص في مهنة المحاسبة والتمويل، بأنه سيتوجب على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، أن تستخدم قواها العاملة بصورة منتجة أكثر، لكي تحافظ على نموها الاقتصادي. كما أشار إلى أن الدول ستحتاج في الوقت نفسه إلى استحداث ملايين الوظائف للداخلين الجدد إلى سوق العمل. وبين تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثاني 2016، الذي تم إعداده من قبل أكسفورد إيكونوميكس - شريك معهد المحاسبين القانونيين أنه بينما تستمر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في التنوع بعيداً عن الاستثمارات المرتكزة على النفط والإنفاق الحكومي، سيصبح نمو الإنتاجية ركيزة حيوية وهامة. رغم النمو القوي لإجمالي الناتج المحلي، وأسعار النفط المرتفعة سابقاً، لم يكن أداء الإنتاجية بدول مجلس التعاون الخليجي مشجعاً. ففي الفترة ما بين 2002 و 2015، لم يكن لنمو الإنتاجية أي إسهام في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بل أحياناً هنالك تأثير عكسي على مستوى الاقتصاد ككل، وقد أظهر تحسينات هامشية فقط عند التركيز على القطاعات غير النفطية. وفي المقابل، أسهم الناتج لكل عامل بمعدل 1.5 نقطة مئوية في سنغافورة، وبمعدل 4 نقاط مئوية في فيتنام، كل سنة طوال الفترة نفسها. إلا أن هذه المعطيات تحجب تحركات هيكلية عدة ضمن اقتصادات دول مجلس التعاون، مثل التنويع نحو قطاعات جديدة، واستيعاب قوى العمل المتزايدة لبلوغ ذلك، إلى جانب زيادة مشاركة المرأة. ويقول غرايم هاريسون، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين، ومدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي في أكسفورد إيكونوميكس لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا: يُعزى ضعف أداء الإنتاجية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي جزئياً إلى تحول القوى العاملة إلى القطاعات المرتكزة أكثر على العمالة، وأدى ذلك إلى زيادة الفئة السكانية في سن العمل بسبب تصاعد معدلات الهجرة لدعم القطاعات الجديدة، ومرة أخرى من المشاركة الأكبر للمرأة في القوى العاملة، لذا ارتفع إجمالي الناتج المحلي للفرد بوتيرة أسرع من الناتج لكل عامل. وبوجه عام، ارتفع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل بنحو 3 نقاط مئوية في دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات ال 15 الماضية، مقارنة بتراجعه بأكثر من 4 نقاط مئوية في الاقتصادات الناشئة لدول شرق آسيا. وأوضحت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة أكسفورد للاستشارات الاستراتيجية أن المرأة في المنطقة تستهدف على نحو متزايد قطاعات الخدمات ذات القيمة المضافة العالية: مثل البنوك والخدمات المالية. ومن شأن النجاح في هذا المجال أن يدعم عموماً كلاً من نمو إجمالي الناتج المحلي، ونمو الإنتاجية. السعودية من المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي في السعودية في 2016 بنسبة 0.8%، وهو النمو الأضعف له منذ عام 2002، حيث إن التأثير التراكمي لتقنين الإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار النفط سيلقي بظلاله حتماً على الاقتصاد. وقد اشتمل البيان الأخير لرؤية 2030 على لمحة موجزة للاستراتيجيات الموضوعة بهدف تقليل الاعتماد على النفط في المملكة، ولكن سيكون هناك حاجة إلى تنفيذ إجراءات فورية لإظهار الالتزام بهذه الخطة الطموحة للغاية. الإمارات من المتوقع أن تشهد دولة الإمارات نمواً بنسبة 2.3% في عام 2016. وتم تأكيد التصنيف الائتماني لدولة الإمارات عند AA2 من قبل وكالة موديز في مايو/أيار، ولكن تم تعيين توقعات سلبية، الأمر الذي يعكس التوقعات المنخفضة لأسعار النفط والعجز المالي الكبير نسبياً. وتظهر علامات القلق من الركود في التشريعات الجديدة من اتحاد مصارف الإمارات للإسهام في إعادة هيكلة الديون للشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة. البحرين يعكس خفض التصنيف الائتماني للبحرين من قبل وكالة ستاندرد آند بورز مع نزع درجة الاستثمار عنها في شهر فبراير/شباط الماضي مدى ضعف الأموال العامة في ضوء المخاطر السياسية العالية نسبياً، ووجود بعض السياسات المضادة. وقد تم البدء في تنفيذ إجراءات واسعة للتقشف المالي، مع التركيز على إلغاء مخصصات الدعم، وضبط فاتورة الرواتب الحكومية، وزيادة الإيرادات غير النفطية. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي بمقدار 1.3% في 2016. سلطنة عمان خفضت ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان إلى BBB في شهر فبراير/شباط، وهو التصنيف الأدنى لدرجات الاستثمار. ويعكس ضعف السلطنة غياب إجراءات السياسات المضادة، والوضع الضعيف للموازنة على وجه الخصوص، واستنزاف القدرة الإنتاجية للنفط، وتشديد السيولة المصرفية. وتبدو توقعات النمو ضعيفة مع توقع ارتفاع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1% في 2016. قطر لقد تم تأكيد التصنيف الائتماني لدولة قطر عند Aa2 من قبل وكالة موديز مع توقعات سلبية في مايو/أيار، مما يعكس موقفاً أكثر فائدة من دول الخليج الأخرى+5 (مصر، وإيران، والعراق، والأردن، ولبنان)، ولكن أبدت الوكالة مخاوفها حول وتيرة الإنفاق المالي للحكومة. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي بنحو 4% هذه السنة، مدعوماً بالنشاط القوي للقطاعات غير الهيدروكربونية، ليصل إلى نسبة متوقعة قدرها 7% في 2016. الكويت من المتوقع أن ينمو اقتصاد الكويت بنسبة 2.3% في 2016. وبينما اقتصرت استجابة سياستها على إجراء إصلاحات جزئية بمخصصات دعم الوقود في 2015، فضلاً عن بعض التدابير الأخرى مثل تقليل البدل الخاص بتكاليف السفر للهيئات الحكومية، تمضي الحكومة قدماً بمزيد من التعديلات المالية، بما في ذلك فرض ضريبة الشركات بنسبة 10% على الشركات المحلية، وخفض المزيد من مخصصات دعم الوقود، إلى جانب خصخصة بعض المشاريع المملوكة للدولة. إجراءات التقشف المالي يقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: من المضلل إلى حد ما التركيز على الناتج لكل عامل، إذ لا يتناسب مع إعادة التوازن لمختلف القطاعات والقوى العاملة. ولكن، لا يزال من الضروري بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي أن ترفع من إنتاجية العمال الأفراد فيها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال زيادة وصولهم إلى رؤوس الأموال، وصقل مهاراتهم، والارتقاء بالبيئة التنافسية التي يعملون فيها. وفي الوقت نفسه، ستحتاج الحكومات إلى مواصلة التقدم الذي أحرزته عبر جهودها للتنويع الاقتصادي، واستقطاب المزيد من السيدات إلى القوى العاملة. وسيتطلب ذلك أيضاً زيادة آفاق التوظيف للمواطنين، وتقليل مستويات البطالة بين الشباب من أجل تحقيق النمو على المدى القصير في سياق الانخفاض المستمر لأسعار النفط. ومن غير المرجح حدوث أي تغييرات جذرية في مناخ أسواق النفط على مدى الأشهر الستة المقبلة. وفي ظل فشل الدول المصدرة للنفط في تجميد الإنتاج، من المتوقع أن يبقى سعر خام برنت في حدود 38 دولار أميركي للبرميل في 2016، وبمتوسط 43 دولار أميركي للبرميل في 2017. وستشهد معظم دول مجلس التعاون الخليجي تراجعاً في زخم النمو في 2016، وذلك بسبب التأثير المباشر لانخفاض أسعار النفط، وبرامج التعديلات المالية، والضغوط التي تتعرض لها الأسواق فيما يتعلق بربط العملات، وتشديد أوضاع السيولة. وقد ظهرت إجراءات التقشف المالي في تقنين مستويات الإنفاق، بما في ذلك إلغاء مخصصات دعم الوقود، وضبط الرواتب والأجور، وتقليص الهدر الحكومي. وتراجعت مستويات الإنفاق الحكومي لدول مجلس التعاون الخليجي بحوالي 7.9 % في 2015، وبنسبة إضافية قدرها 9 % في 2016.