الآن وليس غدا أجراس العودة فلتقرع! استمع الشاعر الثائر لهذه الأغنية فحركت فيه روح السخرية مرة أخرى فقال: غنت فيروز مفردة وجميع الناس لها تسمع «الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتقرع» من أين العودة فيروز؟ والعودة تحتاج لمدفع والمدفع يلزمه كف والكف يحتاج لإصبع والإصبع ملتذ، لاه في فم الشعب له مرتع إلى آخر القصيدة الساخرة التي ذكرتني بالأهزوجة الشعبية العراقية: «يا نخلة نودي نودي، سلمي لي على جدودي. وجدودي بطارف مكة، بعثوا لي ثوب وكعكة، والكعكة وين اضمها، اضمها بصندوقي، والصندوق يريد مفتاح، والمفتاح عند الحداد، والحداد يريد فلوس، والفلوس عند العروس، والعروس بالحمام، والحمام يريد قنديل، والقنديل واقع في البير، والبير يحتاج حبل، والحبل براس الثور، والثور يريد حشيش، والحشيش يريد مطر، والمطر عند الله. لا إله إلا الله»! خطر لي كل ذلك وأكثر من ذلك. كنت أتصور أن فيروز غنت هذه الأغنية لا عن اللاجئين الفلسطينيين الذين أصبحت قضيتهم قضية منسية، وإنما عن رجوع المهاجرين العرب الذين هربوا بالملايين من ديار الظلم والتخلف والإرهاب وسفك الدماء والخراب إلى شتى بلاد الله الخالية من العرب. أصبح موضوع الساعة متى يعودون، وكيف يعودون وهل حقا سيعودون؟ وهذا موضوع أليم له رنين شخصي في نفسي فأوحى لي بتنقيح ما كتبه نزار قباني، بعيدا عن المدافع والقنابل، لأقول بلسان اللاعنف: من أين العودة فيروز والجهل مزق الشملا والشمل بحيرة كبرى أضاعوا الفهم والعقلا والعقل يحتاج لعلم والعلم بأيدي الملا والملا يريد فتوى والفتوى شكلا شكلا في كل رأي تكتب ومن كل صوب تتلى لا إله إلا الله!