بيروت: «الشرق الأوسط» في حين يسعى «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» خلال المفاوضات المباشرة مع الوفد الرسمي السوري في مؤتمر «جنيف2»، إلى التوصل لوقف إطلاق النار في مدينة حمص وإدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة، ترفض القوى العسكرية المعارضة، بما فيها الممثلة في المؤتمر، الالتزام بأي هدنة مرحلية لا تكون جزءا من اتفاق شامل ينص على تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وانحصر المشاركون العسكريون في وفد المعارضة السورية إلى «جنيف2» بأربعة أعضاء يمثلون جبهة «ثوار سوريا» وجيش «المجاهدين» إضافة إلى ضابطين منشقين. بينما رفضت «الجبهة الإسلامية»، التي تضم أكبر تكتل إسلامي معارض، المشاركة في المؤتمر، متهمة أعضاء الائتلاف المعارض الذين ذهبوا إلى جنيف بأنهم «مجموعة تحمل معها ملف التنازلات والتراجعات بدلا من الحقوق والمطالب الشرعية والإنسانية». ويؤكد قائد جبهة «ثوار سوريا» جمال معروف لـ«الشرق الأوسط» الذي يشارك في وفد المعارضة السورية إلى «جنيف2» ممثلا للقوى العسكرية، أن «مقاتليه لن يلتزموا بوقف القتال ضد الجيش النظامي في أي منطقة سوريو ما لم يجرِ التوصل إلى اتفاق واضح وشامل ينص على رحيل بشار الأسد»، مشيرا إلى أنه «وافق على المشاركة في المؤتمر كي لا يترك ذريعة لنظام الأسد للقول بأن المعارضة لم تشارك ويذهب وحده إلى (جنيف2)». ورغم أن هذا الرفض من قبل قوى المعارضة العسكرية للالتزام بأي هدنة، فإن مدينة حمص (وسط سوريا) تملك حظوظا جيدة للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية؛ إذ إن القوات النظامية تفرض حصارا على عدد من المناطق التي يوجد فيها ست كتائب تابعة للمعارضة، بينها مجموعات إسلامية متشددة، ما يعني أن النظام يمكنه أن يفرض شروط الهدنة في المدينة باعتباره الطرف الأقوى عسكريا. ويكشف التناقض بين «الائتلاف الوطني المعارض» والقوى العسكرية المقاتلة على الأرض حول مسألة التوصل إلى هدنة، اتساع الفجوة بين الطرفين، كما يطرح أسئلة حول قدرة المعارضة السياسية على ضبط الكتائب المعارضة في حال التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الصراع المتواصل منذ مارس (آذار) 2011؛ إذ إن «الائتلاف المعارض» يستطيع أن يفرض قراره فقط على «جبهة ثوار سوريا» وجيش «المجاهدين». ورغم الثقل الميداني الذي يملكه الفصيلان، إذ يتوزع مقاتلو الأول الذين يصل عددهم إلى 40 ألفا، على كامل مناطق مدينة إدلب شمال البلاد، وينتشر عناصر الثاني في حلب وريفها، فإن قوى عسكرية أخرى من المرجح أن تكون خارج أي اتفاقات يعقدها «الائتلاف الوطني المعارض» في مؤتمر «جنيف2». وأبرز تلك القوى «الجبهة الإسلامية» التي تضم «لواء التوحيد»، أكبر قوة مقاتلة ضد النظام في محافظة حلب، و«حركة أحرار الشام» السلفية، و«جيش الإسلام» الذي يقاتل خصوصا في منطقة دمشق وريفها، بالإضافة إلى «ألوية صقور الشام» و«لواء الحق» و«كتائب أنصار الشام»، وهي فصائل كبيرة أيضا، بالإضافة إلى «الجبهة الإسلامية الكردية». وكانت وكالة رويترز نقلت عن قيادي في الجبهة الإسلامية قوله إن «مستقبل سوريا سيتشكل هنا على أرض البطولة وسيوقع بالدماء على جبهات القتال وليس في مؤتمرات جوفاء يحضرها من لا يمثلون حتى أنفسهم»، في إشارة إلى أعضاء وفد «الائتلاف الوطني المعارض». ويمكن لـ«الجبهة الإسلامية» إذا ما قررت مواصلة القتال ضد القوات النظامية أن تحبط أي اتفاق بين «الائتلاف المعارض» والنظام السوري قد يخرج عن مؤتمر «جنيف2» وذلك بسبب اتساع انتشار عناصرها في مختلف المناطق السورية. وإلى جانب «الجبهة الإسلامية» فإن تنظيمات إسلامية متشددة، مثل «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة»، تعد عائقا إضافيا في وجه تطبيق أي مقررات قد تخرج عن مؤتمر «جنيف2» وتستلزم وقفا للمعارك. لا سيما أن هذه التنظيمات باتت في الفترة الأخيرة في صراع عسكري مع كتائب المعارضة بمختلف توجهاتها. في المقابل، فإن النظام السوري قد لا يتمكن من ضبط التشكيلات العسكرية التي تقاتل معه، مثل جيش الدفاع الوطني الذي أسس مطلع عام 2013، ويضم مدنيين وعسكريين. ومجموعات ميليشيات «الشبيحة» التي تفتقد أي صيغة تنظيمية ويعود تاريخ تأسيسها إلى منتصف الثمانينات. إضافة إلى «اللجان الشعبية» ومقاتلي لواء «أبو الفضل العباس» العراقي وعناصر حزب الله اللبناني.