وتواصل عناوين النشرة التركيز على المعالم التاريخية في تونس، عبر عنوان (المبادرة الفنية لإبراز جمالية المعالم التاريخية)، وهو جانب يستحق التركيز، لاسيما وأن تونس الخضراء تمتلك إرثاً تاريخياً كبيراً، ترك الكثير من الآثار والمعالم الجميلة والبارزة والمتميزة على النطاق الإقليمي والعالمي. سامي بن عامر هو أحد الرسامين أصيلي جهة صفاقس وقد أخد على عاتقه مثل عدد من فناني الجهة، إعداد مشروع فني حول أحد أبراج المدينة ليتم تقديمه لاحقا للعموم. "هذا المشروع يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لي، فهو يمثل منعطفاً فى مسيرتي الفنية وهو تتمة لعمل بدأ منذ أشهر من خلال مجموعة من الزيارات الميدانية لمعلم برج منيف" يقول بن عامر، متحدثا عن هذه الأعمال. ويعكس المشروع الفني رغبة شخصية للفنان سامي بن عامر فى إعادة إحياء مجموعة من القيم الروحية والرمزية والأحداث التاريخية التي يرويها هذا المكان بكل ثناياه وزواياه، وسجلت العديد من المعدات الفلاحية القديمة حضورها في المشروع الفني لسامي بن عامر على غرار "المحراث" و"المنجل" و"المحشة" وفيها إحالة إلى "الأرض" وخيراتها ودلالاتها الرمزية. و"البرج" يحيل كذلك إلى القفل الكبير والقديم والصدئ الذي يوجد على الجانب الخلفي للباب، وهو كذلك صورة تحيل على تلك الصفيحة التي يقع تثبيتها على أرجل الحصان صديقه الأليف، "البرج" هو أيضا بئر الماء (الماجل) الذي كان يمثل لعهود مضت مورد المياه الرئيس لسكان مدينة صفاقس فى الصيف كما في الشتاء، وفي موضوعٍ آخر في ذات الإطار، جاء عنوانه (معلم للذاكرة الجماعية.. ذكريات طفولة وإرادة فنان). يعد "برج منيف" أحد أقدم الأبراج التاريخية فى مدينة صفاقس وهو يقع في طريق منزل شاكر ويحتفظ الفنان بن عامر بذكريات جميلة عن هذا المعلم تعود الى مرحلة الصبا والطفولة لذلك هو يحاول الغوص في أدق تفاصيل المكان مطلقا العنان لفرشاته وألوانه وخياله ليحكي بعض ما يختلج فى وجدانه من أحاسيس ومشاعر جميلة. وتبدو غاية الفنان ابن عامر واضحة فى الربط بين ماض مشبع بالذكريات والخواطر الشخصية، وحاضر تنكر لذلك الماضي فجاءت أعماله الفنية المختلفة من لوحات تشكيلية وصور فوتوغرافية وتنصيبات فنية لتعيد الحياة لتلك الذكريات الجميلة. يقول ابن عامر "نحن أمام أنموذج أو مقاربة لإعادة هندسة الذاكرة، حوار بين تراكمات الذاكرة واحداثها المستجدة" قبل أن يضيف "إن الحياة بالبرج هي عالم بحد ذاته". ويواصل حديثه مستحضراً عبق الماضي وأدق تفاصيله، "منذ دخولك البرج عبر بابه الصغير، يعتريك إحساس غريب، تفوح من المكان رائحة التاريخ، هنا تتناثر العديد من الأشياء القديمة، الجدران بدورها تروي حكايات الزمن الجميل، كذلك خيوط الضوء المنبعثة من شقوق الأبواب والنوافذ، وذلك المدرج الذي لا أعلم إلى اين يؤدي...هذا هو البرج". // يتبع // 18:25ت م spa.gov.sa/1505070