×
محافظة المنطقة الشرقية

وزير الخارجية السعودي: إيران تدعم الإرهاب وعليها تغيير سياساتها

صورة الخبر

كان قاضي مصر الحارث بن مسكين عالماً زاهداً وفقيهاً لا‮ ‬يخشى في الحق لومة لائم‮.. و‬كان كثير الابتعاد عن الأمراء والملوك‮.. ‬عمّر كثيرا وظل على عهده وصلاحه حتى لقي‮ ‬ربه.. يقول عنه مجد الدين بن الأثير في‮ ‬كتابه‮ ‬جامع الأصول في‮ ‬أحاديث الرسول‮ ‬والزركلي في‮ ‬الأعلام‮: ‬هو أبو عمرو الحارث بن مِسْكين بن محمد بن‮ ‬يوسف المصري‮.. ‬وسمع سفيان بن عُيَيْنةَ‮ ‬،‮ ‬وعبد الله بن وهب‮،‮ ‬وعبد الرحمن بن القاسم‮.. ‬روى عنه عدد كبير من المصريين،‮ ‬وأبو عبدالرحمن النَّسائي،‮ ‬وعبدالله بن أحمد بن حنبل،‮ ‬وكان فقيهاً‮ ‬على مذهب مالك بن أنس،‮ ‬وكان ثقة في‮ ‬الحديث ثبتا،‮ ‬حمله المأمون إلى بغداد ليقول بخلق القرآن،‮ ‬فلم‮ ‬يجب،‮ ‬فسجن في‮ ‬محنة القرآن فلما ولي‮ ‬المتوكل أطلقه،‮ ‬فعاد إلى مصر،‮ ‬فولي‮ ‬فيها القضاء سنة‮ ‬237ه‮.. ‬وقد أمر بحفر خليج الإسكندرية‮.. ‬ومنع من النداء على الجنائز ومن قراءة القرآن بالألحان‮. ‬واستعفى من القضاء سنة‮ ‬245ه فأعفي، وكان كثير الابتعاد عن الأمراء والملوك‮.‬ شهادات وقد تكلم عنه الإمام الذهبي‮ ‬في‮ ‬كتابه القيم سير أعلام النبلاء‮: ‬فقال عنه: الإمام،‮ ‬العلامة،‮ ‬الفقيه،‮ ‬المحدث،‮ ‬الثبت،‮ ‬قاضي‮ ‬القضاة بمصر،‮ ‬أبو عمرو،‮ ‬مولى زبان ابن الأمير عبدالعزيز بن مروان،‮ ‬الأموي،‮ ‬المصري‮.‬ولد في‮ ‬سنة أربع وخمسين ومئة‮.. ‬وطلب العلم على كبر‮.‬ وسجل الإمام الذهبي‮ ‬شهادة العلماء وثناءهم على الحارث بن مسكين فقال: سئل عنه أحمد بن حنبل فأثنى عليه،‮ ‬وقال فيه قولا جميلاً‮. ‬وقال‮ ‬يحيى بن معين‮: ‬لا بأس به‮، ‬وقال النسائي‮: ‬ثقة مأمون‮..‬ وقال أبو بكر الخطيب‮: ‬كان فقيها،‮ ‬ثقة،‮ ‬ثبتا،‮ ‬حمله المأمون إلى بغداد في‮ ‬المحنة،‮ ‬وسجنه،‮ ‬فلم‮ ‬يجب وكان‮ - ‬مع تقدمه في‮ ‬العلم والزهد‮ - ‬قوالا بالحق،‮ ‬من قضاة العدل‮ - ‬رحمه الله تعالى ‬وقال بحر بن نصر الخولاني‮: ‬عرفنا الحارث بن مسكين زاهداً ورعاً صدوقاً حتى مات‮.‬ وقال ابن فرحون في‮ ‬طبقات المالكية‮ ‬في‮ ‬ترجمة الحارث بن مسكين‮:‬ أحد أئمة المالكية ‬كان عدلا في‮ ‬قضائه محمود السيرة‮.‬ وقال محمد بن وضاح‮: ‬ولي‮ ‬القضاء في‮ ‬الأرض أربعة في‮ ‬وقت واحد: فانتشر العدل بهم في‮ ‬آفاقها‮.. ‬وهم دحيم بن اليتيم بالشأم،‮ ‬والحارث بن مسكين بمصر،‮ ‬وسحنون بن سعيد بالقيروان،‮ ‬وأبو خالد سعيد بن سليمان بقرطبة‮.‬ في مواجهة المأمون كان ابن مسكين رحمه الله لا‮ ‬يخشى في‮ ‬الله لومة لائم مما عرضه للحبس والسجن ومن ذلك ما ذكره الذهبي‮ ‬في‮ ‬كتابيه‮ ‬سير أعلام النبلاء و‮ ‬تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام‮ ‬قال‮: ‬قال‮ ‬يوسف بن‮ ‬يزيد القراطيسي‮: ‬قدم المأمون مصر،‮ ‬وبها من‮ ‬يتظلم من عامليه‮: ‬إبراهيم بن تميم،‮ ‬وأحمد بن أسباط‮..‬فجلس الفضل بن مروان الوزير في‮ ‬الجامع،‮ ‬واجتمع الأعيان،‮ ‬وأحضر الحارث بن مسكين ليولى القضاء،‮ ‬فبينا الفضل‮ ‬يكلمه إذ قال له متظلم‮: ‬سله‮ - ‬أصلحك الله‮ - ‬عن ابن تميم وابن أسباط‮.. ‬فقال‮: ‬ليس لذا حضر‮..‬قال‮: ‬أصلحك الله سله‮..‬ قال‮: ‬ما تقول فيهما؟ فقال‮: ‬ظالمين‮ ‬غاشمين‮..‬ قال‮: ‬فاضطرب المسجد،‮ ‬فقام الفضل،‮ ‬فأعلم المأمون،‮ ‬وقال‮: ‬خفت على نفسي‮ ‬من ثورة الناس مع الحارث‮..‬ فطلب الحارث،‮ ‬وقال‮: ‬ما تقول في‮ ‬هذين؟ قال‮: ‬ظالمين‮ ‬غاشمين‮..‬ قال‮: ‬هل ظلماك بشيء؟ قال‮: ‬لا‮..‬ قال‮: ‬فعاملتهما؟ قال‮: ‬لا‮.. ‬قال‮: ‬فكيف تشهد عليهما؟ قال‮: ‬كما شهدت أنك أمير المؤمنين،‮ ‬ولم أرك إلا الساعة‮.. ‬قال‮: ‬أخرج من هذه البلاد،‮ ‬وبع قليلك وكثيرك‮.‬ وحبسه في‮ ‬خيمة،‮ ‬ثم انحدر إلى البشرود (بلد أراد المأمون فتحها) وأخذه معه،‮ ‬فلما فتح البشرود طلب الحارث،‮ ‬وسأله عن المسألة التي‮ ‬سأله عنها بمصر،‮ ‬فرد الجواب بعينه‮..‬قال‮: ‬فما تقول في‮ ‬خروجنا لقتالهم أي‮ ‬سكان البشرود ؟ ‬فقال الحارث‮: ‬أخبرني‮ ‬ابن القاسم عن مالك أن الرشيد كتب إليه عن دهلك‮ ‬يسأله عن قتالهم فقال‮: ‬إن كانوا خرجوا عن ظلم من السلطان فلا‮ ‬يحل قتالهم،‮ ‬وإن كانوا إنما شقوا العصا فقتالهم حلال‮. وروى داود بن أبي‮ ‬صالح الحراني‮ ‬عن أبيه قال‮ ‬لما أحضر الحارث لمجلس المأمون جعل المأمون‮ ‬يقول‮: ‬يا ساعي‮ ‬يرددها‮.. ‬قال‮: ‬يا أمير المؤمنين إن أذنت لي‮ ‬في‮ ‬الكلام تكلمت‮.. ‬قال‮: ‬تكلم‮. ‬قال‮: ‬والله ما أنا بساع،‮ ‬ولكني‮ ‬أحضرت فسمعت وأطعت حين دعيت،‮ ‬ثم سئلت عن أمر فاستعفيت،‮ ‬فلم أعف ثلاثاً،‮ ‬فكان الحق آثر عندي‮ ‬من‮ ‬غيره‮.. ‬فقال المأمون‮: ‬هذا رجل أراد أن‮ ‬يرفع له علم ببلده،‮ ‬خذه إليك‮.‬ قاضي مصر قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم‮: ‬قال لي‮ ‬ابن أبي‮ ‬دواد‮:‬يا أبا عبد الله،‮ ‬لقد قام حارثكم لله مقام الأنبياء. وكان ابن أبي‮ ‬دواد إذا ذكره عظمه جداً‮.‬ ومن المسائل التي‮ ‬تعرض لها وقضي‮ ‬فيها ابن مسكين ما أورده الذهبي‮ ‬عن ابن قديد قال‮: ‬أتاه‮ ‬يعني‮ ‬الحارث كتاب توليه القضاء وهو بالإسكندرية،‮ ‬فامتنع،‮ ‬فلم‮ ‬يزل به إخوانه حتى قبل،‮ ‬فقدم مصر فجلس للحكم،‮ ‬وأخرج أصحاب أبي‮ ‬حنيفة والشافعي‮ ‬من المسجد،‮ ‬وأمر بنزع حصرهم من العمد،‮ ‬وقطع عامة المؤذنين من الأذان،‮ ‬وأصلح سقف المسجد،‮ ‬وبنى السقاية،‮ ‬ولاعن بين رجل وامرأته،‮ ‬ومنع من النداء على الجنائز،‮ ‬وضرب الحد في‮ ‬سب عائشة أم المؤمنين،‮ ‬وقتل ساحرين‮.‬ عن الحسن بن عبد العزيز الجروي‮: ‬أن رجلاً كان مسرفاً على نفسه،‮ ‬فمات،‮ ‬فرئي‮ ‬في‮ ‬النوم فقال‮: ‬إن الله‮ ‬غفر لي‮ ‬بحضور الحارث بن مسكين جنازتي،‮ ‬وإنه استشفع لي‮ ‬فشفع في‮.‬ ومما‮ ‬يؤثر عن الحارث بن مسكين أنه خرج مرة من الإسكندرية فنزل منزلاً فقال‮: ‬الحمد لله استرحنا من صحبة الملوك،‮ ‬نمد أرجلنا إذا شئنا،‮ ‬ونتكئ إذا شئنا‮‬،‮ ‬ونعمل ما أردنا‮.