(1) في أول اجتماع له مع نوابه ومساعديه سأل الرئيس التنفيذي عن مسؤول الموارد البشرية فقيل له بأنه لا يحضر عادة اجتماعات الإدارة التنفيذية إلا عندما يطلب منه ذلك. فسأل الرئيس مرة أخرى: ومتى يطلب منه ذلك؟ أجابه أحد النواب: عندما يكون هناك استفسار أو سؤال عن موضوع معين يخص مجال عمله. للمرة الثالثة يسأل الرئيس: وما هو مجال عمله؟ فقيل له بأنه يتلخص في الأمور المتعلقة بالموظفين مثل الإجازات والمرتبات والترقيات.. هي أمور ثانوية. قاطع أحد النواب زميله قائلاً: نعم، هي أمور ثانوية لا تخرج عن الإطار الإجرائي وتنفيذ التعليمات، لذا فإن وجوده في اجتماعات الإدارة التنفيذية ليس له أي مبرر فمسؤولياته لا ترتقي إلى مستوى اجتماعاتنا نحن. بعد لحظة صمت وبهدوء القائد الإداري المتزن قال الرئيس: أريد مسؤول الموارد البشرية حاضرًا وبصفة دائمة في اجتماعاتنا، فهو شريك استراتيجي في تحقيق المؤسسة لأهدافها. وتابع الرئيس وهو ينظر إلى نوابه ومساعديه فردا فردا: من الذي يقوم بتخطيط القوى العاملة؟ من الذي يعمل على استقطاب الكفاءات للمؤسسة؟ ومن الذي يقوم بتدريبهم وتطوير قدراتهم؟ ومن الذي يضع نظم الأجور والحوافز والمكافآت ويحافظ على العناصر الكفوءة في المؤسسة ويساهم بفاعلية في قياس أداء العاملين؟ ومن الذي يقوم بالدراسات وعمليات المسح للأجور وإعداد الأنظمة وتحديثها؟ لهذه الأسباب قلت في بداية هذا الاجتماع إن إدارة الموارد البشرية هي شريك استراتيجي في تحقيق المؤسسة لأهدافها وطلبت حضوره الدائم معنا في هذه الاجتماعات. وختم الرئيس حديثه قائلاً إن إدارة الموارد البشرية يجب أن تظل دائما في بؤرة الاهتمام ويجب أن نحرص دائما على تزويدها بعناصر كفوءة ومحترفة. (2) تحت مسمى (الموارد البشرية.. شريك استراتيجي في العمل) نشرت مجلة HR News التي تصدرها المنظمة الدولية للموارد البشرية مقالاً للاختصاصية (أماندا كودا) وطرحت من خلاله آراء بعض العاملين المحترفين في ذات المجال. تقول كودا: هناك فوائد ومزايا كثيرة تجعل من إدارة الموارد البشرية عنصرا أكثر فاعلية في مجال القطاع العام وفي الجامعات والمؤسسات الأخرى، فهي يمكن أن تساهم في تطوير الأداء ورفع الانتاجية وتزويد المؤسسات بالعناصر المؤهلة كما وأنها تسهم في زيادة حالة الرضا للمتعاملين مع هذه المؤسسات. بعبارة مختصرة تؤكد كودا أن اعتبار إدارات الموارد البشرية شريكا استراتيجيا تساهم بفاعلية في تحقيق رسالتها، تجعل من المؤسسات أكثر كفاءة وأكثر قدرة في التحكم في مواردها. كما وأن الكاتبة تؤكد أهمية إشراك هذه الإدارات في اجتماعات الإدارة العليا لكونها شريكًا استراتيجيًا في تحقيق أهدافها. أما (بلمونت كاليف) فإنها تقول: لاتزال هناك مواقف تتخذ فيها قرارات من غير أن نكون نحن مسؤولو الموارد البشرية جزءاً منها، وتسند (لورا كيربي) زميلتها فتقول: في المستقبل أود أن أرى فعلاً اننا متواجدون في بعض اجتماعات الإدارة التنفيذية. وفي ذات السياق يقول (جيري باترسون) ان إعطاء محترفي الموارد البشرية فرصة أكبر للوصول إلى الإدارة العليا وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار مفيد لكلا الطرفين، المؤسسة وإدارة الموارد البشرية. (3) يقول عالم الإدارة (بيتر دراكر): إن إدارة الموارد البشرية يجب أن تصبح الاهتمام الأول والأخير للإدارة بدلاً من مجرد كونها إدارة للأشياء والتقنيات واللذين إنصب عليهما كل التركيز منذ أمد بعيد انتهى. لذا فإن التوجه الحالي لهذه الإدارة هو أنها الشريك الاستراتيجي في العمل. هذا التوجه يتطلب تحقيق عنصرين مهمين لإنجاحه، الأول هو الإيمان الحقيقي والصادق والعملي وليس المؤقت أو المصطنع للاستهلاك الإعلامي فقط بالدور الاستراتيجي المهم لإدارات الموارد البشرية. ويمكن قياس مدى جدية هذا التوجه في تواجد مسؤولي الموارد في اجتماعات الإدارة التنفيذية وإشراكهم في صنع واتخاذ القرار. أما العنصر الثاني فهو الحرص على تعيين الأفراد المحترفين في إدارات الموارد البشرية وليس نقل من كان فاشلاً في المجالات الأخرى إليها. ما رأيك سيدي القارئ؟.