قال المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، إن مشاورات السلام اليمنية قريبة من التوصل إلى الانفراج، في وقت علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مطلعة أن أطرافا دولية، بمشاركة بعض أطراف النزاع، تعمل على بلورة مشروع اتفاق لإنهاء الحرب في اليمن، وفقا لخطوات مزمنة، تضمن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216. وعودة الحكومة الشرعية وتسليم السلاح. وأشارت هذه المصادر إلى أن الأزمة اليمنية في طريقها للحل عبر اتفاق سياسي، وقد تحفظت المصادر على ذكر التفاصيل المتعلقة بأسماء الأطراف الدولية التي تعمل على بلورة أفكار التسوية السياسية في اليمن، لكنها أكدت أنها «قريبة جدا من مشاورات الكويت». كما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن ولد الشيخ استعان بإحدى الشخصيات السياسية اليمنية البارزة في تذليل الصعوبات التي تواجهه في الملفات التي يسعى إلى التوصل إلى حلول لها في المشاورات، وقالت المصادر إن الشيخ محمد علي أبو لحوم، عاد مجددا، أمس، إلى الكويت في مسعى جديد لمساعدة ولد الشيخ لمنع انهيار المشاورات، ويحظى أبو لحوم باحترام كبير لدى طرفي النزاع في اليمن، كما أنه من المطلعين على ملف المشاورات اليمنية منذ بدايته. وتأتي هذه التطورات، في وقت استمرت أعمال المشاورات على وقع أجواء مشحونة في ظل التصعيد الميداني والتصريحات النارية لقيادات الحوثيين الانقلابيين ضد الحكومة الشرعية والدول الراعية لعملية السلام في اليمن، والتهديد بتشكيل حكومة في صنعاء. وقبيل تقديمه لإحاطة في جلسة مجلس الأمن، مساء أمس، قال ولد الشيخ، في بيان صادر عن مكتبه: «نحن نقترب من التوصل إلى رؤية عامة تضم تصور الطرفين للمرحلة المقبلة»، و«إننا نعمل الآن على تذليل العقبات الموجودة والتطرق إلى كل التفاصيل العملية لآلية التنفيذ مما يجعل الجلسات أكثر حساسية ويجعلنا أقرب للتوصل إلى انفراج شامل». وعقدت لجنة الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرا، أمس، اجتماعا في ظل محاولات من الوسيط الأممي والدول الراعية للدفع باتجاه الخروج بنتائج إيجابية على صعيد تطبيق الاتفاق المبرم، الأسبوع قبل الماضي، الذي نص على أن تفرج الميليشيات الحوثية عن نحو 50 في المائة من المعتقلين، وفي مقدمتهم الأشخاص المشمولون بقرارات مجلس الأمن الدولي، وبحسب مصادر حكومية يمنية، فإن اللجنة عملت على «رسم خريطة طريق لحل ملف المعتقلين السياسيين والمختطفين والأسرى والعمل على الإفراج عنهم جميعا»، وتوقعت المصادر أن تشكل اللجنة، لجانا فرعية لـ«متابعة الجوانب الفنية، ككشوفات الأسماء وآليات التبادل والزمان والمكان وغيرها من التفاصيل»، وكذا «آلية المتابعة المقدمة من الأمم المتحدة وبحضور أطراف دولية متخصصة كـ(الصليب الأحمر الدولي)». ورغم حالة التفاؤل، التي يعبر عنها المبعوث الأممي، فإن الساحة اليمنية تشهد شحنا وتصعيدا من جانب الانقلابيين، الذين ألمحوا إلى أنهم قد يشكلون حكومة في صنعاء، في حال فشلت مشاورات السلام المنعقدة حاليا في دولة الكويت، وقال محمد عبد السلام، الناطق باسم مكتب عبد الملك الحوثي، رئيس وفد الانقلابيين إلى المشاورات، إنه إذا تعثرت المشاورات أو الحل، كما ذكر بالنص، فإن على القوى، التي وصفها بالوطنية «أن تسُد الفراغ بتشكيل حكومة لخدمة الشعب اليمني ومواجهة التحديات»، كما جاء في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في وقت صعد رئيس المكتب السياسي لحركة الحوثيين، صالح الصماد، من خطابه الإعلامي الهجومي ضد الدول الداعمة والمساندة للحكومة اليمنية الشرعية والرافضة الانقلاب على الشرعية. وتناول الصماد، في بيان له، حالة الانهيار الوشيك للاقتصاد اليمني، مؤكدا المضي في الانقلاب، رغم الأوضاع الاقتصادية المأساوية التي تهدد اليمنيين، كما دعا إلى مزيد من التحالف بين ميليشياتهم والمخلوع علي عبد الله صالح. من جانبه، حذر نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخدمة المدنية، نائب رئيس وفد الحكومة، عبد العزيز جباري من انهيار مشاورات السلام في الكويت «إذا ظل الحوثيون يصرون على تجاوز المرجعيات المتفق عليها مع الأمم المتحدة»، وأوضح في بيان صادر عنه، أن ما ذكره في إحدى جلسات المشاورات بخصوص عودة المؤسسات، يعد قناعة لدى أغلب أبناء الشعب اليمني وليس تهديدا بالحسم العسكري، كما روج الحوثيون. وقال إنه «تنبيه وتحذير من الاستمرار في المشروع نفسه الذي قاد البلاد إلى ما هي عليه اليوم»، وأكد جباري أن «الشعب اليمني الذي عاش نصف قرن من الحرية في ظل الثورة والحرية والمساواة، لن يقبل عودة الاستبداد وحكم السلالة وأنه لن يتنازل عن تاريخه وحقه في العيش بكرامة»، مؤكدا أن «عودة المؤسسات أمر محسوم لدى الشعب اليمني مهما كلفه من تضحيات». ودعا جباري، في بيانه الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، الحوثيين إلى «التقاط الفرصة التاريخية التي يقدمها ويبذلها لهم الشعب اليمني بالعودة إلى صوابهم والتنصل من الانقلاب والمشاريع الهدامة والعمل بصفتهم مكونا من مكونات الشعب اليمني»، وإلى ألا «يستمروا في هذا التعنت الأعوج والعناد المقيت حتى لا يقودوا البلاد إلى مزيد من الكوارث، فهم، في النهاية، من بيدهم قرار السلم والحرب، وبإمكانهم لو صدقت النيات وغلبوا مصلحة الوطن تجنيب البلاد مزيدا من الدمار». وكانت جهود خليجية وأممية، في مقدمتها الجهود القطرية، أدت الأسبوع الحالي، إلى استئناف مشاورات السلام في الكويت بعد أن علق وفد الحكومة اليمنية مشاركته في المشاورات في الـ17 من الشهر الحالي، إثر تراجع وفد الانقلابيين عن الإقرار بمرجعيات المشاورات، وهي قرارات مجلس الأمن الدولي، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، واتفاق «بييل» السويسرية، الموقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والإطار العام والنقاط الخمس وأجندة المشاورات التي وضعها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وتشير المصادر اليمنية إلى أن التدخل الخليجي والدولي المتكرر لإنقاذ المشاورات من الفشل، أكثر من مرة، يؤكد الاهتمام المتزايد بالملف اليمني وحرص دول الإقليم على التوصل إلى حلول سياسية وإنهاء الاقتتال الدائر في اليمن.