لأول مرة منذ عامين عقد المجلس الاقتصادي الرئاسي الروسي اجتماعًا يوم أمس استهله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس المجلس، بكلمة أكد فيها أن غالبية الخبراء يجمعون على أن الاقتصاد الروسي قد استقر، معربًا عن قناعته بأنه «من الضروري الآن النظر إلى الأمام». أما المهمة التي وضعها بوتين أمام المجلس، فهي القيام بإصلاحات بنيوية على الاقتصاد الروسي دون السماح في غضون ذلك بزيادة العجز في الميزانية وتسارع التضخم، لافتًا إلى أن «النمو الاقتصادي لا يستأنف نفسه بنفسه، ولا بد من إيجاد نقاط النمو، وإلا فإن دينامية الناتج المحلي الإجمالي ستصبح قريبة من الصفر». ولإنجاز كل هذه المهام، اقترح الرئيس الروسي على أعضاء المجلس الاقتصادي أن يقوموا على أرضية المجلس، بعقد سلسلة اجتماعات تشاورية على مدار عام ونصف لمناقشة القضايا الاقتصادية، بما في ذلك الوجه الجديد للسياسة الاقتصادية الاجتماعية، والطبابة والخدمات، فضلا عن التحديث التقني وتحسين أجواء الأعمال، وتحسين إدارة شؤون الدولة، حسب قول بوتين، الذي اقترح عقد لقاءات على مستوى المجلس، وبحضوره من حين لآخر لمناقشة تلك القضايا. وتعود أهمية اجتماع المجلس الاقتصادي الرئاسي الروسي إلى الدور الذي يلعبه ذلك المجلس في رسم السياسة الاقتصادية للبلاد بشكل عام، وإلى انعقاده في هذا التوقيت، حيث تمر روسيا بأزمة اقتصادية خانقة بشكل خاص، هذا بالطبع فضلاً عن أن الاجتماع المكرس لمناقشة استراتيجية التنمية الاقتصادية الروسية يشارك فيه لأول مرة وزير المالية الروسي الأسبق، ورجل الاقتصاد المحنك أليكسي كودرين، وذلك بعد إصدار الرئيس مرسومًا حول تعيين كودرين نائبًا له في المجلس الاقتصادي. وطرأت هذه التطورات على خلفية حديث عن رغبة الكرملين بوضع عقيدة اقتصادية جديدة للبلاد، الأمر الذي تطلب تفعيل نشاط المجلس، وضم شخصيات مثل كودرين إليه لتنويع الأفكار التي يمكن عرضها في المجلس، بما يساهم في اختيار عقيدة اقتصادية مناسبة للتنمية حتى عام 2020. وإلى جانب بوتين رئيسًا له وكودرين نائبًا للرئيس، يضم المجلس الاقتصادي الروسي مديرة البنك المركزي إلفيرا نابيولنا، ومعها غيرمان غريف، مدير «سبير بنك» أضخم وأهم البنوك الحكومية الروسية، فضلا عن وزير المالية أنظون سيلوانوف، ورئيس مجلس الأعمال والتجارة الروسي ألكسندر شوخين، وإيغور شوفالوف النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية، ونائبي رئيس الحكومة أولغا غولوديتس وأندريه دفوركوفيتش. ومن غير المتوقع أن تكون لنشاط المجلس نتائج آنية مباشرة، ذلك أن عمله يركز بصورة رئيسية على وضع الخطط طويلة الأمد، والاستراتيجية العامة للبلاد في المجال الاقتصادي. في شأن متصل بالوضع الاقتصادي في روسيا، شهد القطب الشمالي يوم أمس تحميل أول ناقلة بالنفط الروسي في محطة تخزين وشحن النفط الجديدة في منطقة «يامال» في القطب الشمالي، وقد أطلق على تلك المحطة اسم «بوابة القطب الشمالي». وأشرف الرئيس بوتين على تحميل الناقلة ضمن مراسم رسمية لإعلان بدء العمل عبر تلك المحطة، وستقوم بصورة رئيسية بمهام نقل النفط الروسي من حقل «نوفوبورتوفسك»، ومنطقة القطب الشمالي بشكل عام، إلى الأسواق الخارجية. وتتمتع المحطة التي تقف على ارتفاع 80 مترًا فوق سطح البحر بطاقة شحن سنوية تصل إلى 8.5 مليون طن نفط، وقدرة على العمل على مدار السنة، حتى في ظل الأحوال الجوية السيئة التي تتميز بها منطقة القطب في فترات طويلة من السنة. وقد وصف بوتين بدء العمل في «بوابة القطب الشمالي» بأنه حدث بارز، لافتًا إلى أن أعمال بناء المحطة كلفت خلال السنوات الثلاث الماضية زهاء 186 مليار روبل روسي. ومع بدء العمل عبر محطة «بوابة القطب الشمالي» النفطية تكون روسيا قد حلت معضلة نقل إنتاجها النفط من حقل «نوفوبورتوفسك» الأغنى باحتياطاته النفطية والغازية بين حقول مقاطعة يامال - نينيتسك العضو في الاتحاد الروسي، حيث تبلغ احتياطاته المستكشفة 250 مليون طن من النفط، و320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. ويقع الحقل في القطب الشمالي بعيدًا عن مررات النقل التجاري. وقد حصل النفط الذي يتم إنتاجه من ذلك الحقل على تصنيف (اسم صنف) «نوفي بورت»، وقريب في مواصفاته من النفط متوسط الكثافة. وبينما رأى المراقبون أنه من السابق لأوانه الحديث عن استفادة روسيا من محطة «بوابة القطب الشمالي» النفطية لزيادة حصة الإنتاج الروسي، قال أليكسي ميللر رئيس شركة «غازبروم» مالطة حقل نفط «نوفوبورتوفسك» إن افتتاح المحطة يشكل خطوة مهمة لتوسيع عمليات استخراج النفط والخامات في منطقة أقصى الشمال، وتطوير خط النقل التجاري البحري الشمالي، معربًا عن قناعته بأن الخطوة التالية التي ستقوم بها روسيا هي توسيع نشاطها في استخراج الخامات من تلك المنطقة الغنية جدًا بالنفط والغاز.