×
محافظة المنطقة الشرقية

سلطان الجابر: دور فاعل للإعلام الإماراتي في مكافحة التطرف والإرهاب

صورة الخبر

ينطوي فن الكاريكاتير على صور من المبالغات، فيما يتعلق بالدلالات والعيوب الاجتماعية، بطريقة تحمل المبالغة والسخرية، من أجل أن تتحول إلى رؤى فكرية وسياسية، تساعد على تشكيل الرأي العام، وتدفعه إلى إصلاح ما اعوج من سلوك الفرد والجماعة. هذا الفن الساخر بما يحمله من رؤى، وما يشعه من خفة ظل أصبح في عصرنا الحالي شيئاً مهماً وضرورياً، لأنه مرتبط بالمجريات السياسية والشؤون الاجتماعية، فهو فن يقف إلى جانب المواطن، ليعبر عنه في مواجهة تعسف السلطة في أي موقع، وهو فن لا يصنع حلولاً للمشكلات، لكنه من خلال المبالغة والسخرية يساعد على توجيه النظر إلى الخلل وسرعة إصلاحه، كما أنه من خلال تناوله القضايا القومية، يشكل سلاحاً ماضياً للتنوير والتثقيف. يشير عادل كامل في كتابه الكاريكاتير في مصر إلى أن بدايات ظهور فن الكاريكاتير ونشأته ترجع إلى أكثر من 3 آلاف عام قبل الميلاد في مصر القديمة، وقد عثر على العديد من تلك الرسوم على أوراق البردي أو قطع الفخار، وبعضها محفوظ في كثير من المتاحف، وهي توضح مدى قدرة وبراعة الفنان المصري القديم في التعبير الساخر، واللجوء إلى الرمز، وذلك بتصوير الحيوان، وخلع صفات الإنسان وسلوكه على هذا الحيوان، في رسوم بالغة الدلالة على ما يريد أن يرمي إليه. يتعرض الكتاب لجانب من تلك الرسوم، التي تتشابه مع مثيلاتها في العصر الحاضر، خاصة في نقد الأوضاع الاجتماعية والسياسية أو السخرية منها خشية النقد المباشر الصريح، هذا وقد تطور فن الكاريكاتير بتطور حركة الفن التشكيلي، وتحور مع بدايات الانطباعيين، ثم أصبح دادياً وسريالياً وتجريدياً أحياناً، ووحشياً أحياناً أخرى. وقد تنوعت تعريفات فن الكاريكاتير فهو ضمن التنكيت والتبسيط، وإذا كان من حق الفنان أن يغير الخطوط الطبيعية، من أجل أن يعبر عن رأيه، حتى إذا كان هذا سيجعله يخرج عن حدود الواقع، فإن هذا الخروج هو محور الكاريكاتير. والكاريكاتير هو وحده الفن الذي ينطوي على رسم وتعليق، أو بدون تعليق، يسفر عن ابتسامة أو شجن له معان تسكن ذهن الإنسان وتجبره على التفكير فيما هو داخل دائرة الواقع، وتدعوه إلى تشكيل الدائرة من جديد بفكر وعقل جديدين من أجل واقع أفضل. وتعد بدايات ظهور فن الكاريكاتير في العصر الحديث في مصر على يد الصحفي اللبناني يعقوب صنوع صاحب أول جريدة هزلية مصورة بالقاهرة، وهي أبو نضارة عام 1877، وقد طالعتنا الصحف المصرية على صفحاتها خلال الفترات التاريخية المختلفة برسومات كاريكاتيرية، منها ما يكون له دور توجيهي إرشادي، وأخرى تميزت بالقسوة وحدة الملامح، ففن الكاريكاتير بصفة عامة هو المعبر الحقيقي عن اتجاهات الشعوب. يتوقف المؤلف أمام ثلاث مدارس في فن الكاريكاتير هي مدرسة روز اليوسف، مدرسة أخبار اليوم، مدرسة الجمهورية المساء، حيث تميزت الأولى بتناولها لقضايا المجتمع المختلفة بأسلوب سياسي ساخر، وتميزت بعدة سمات سياسية، منها الاتجاه اليساري بدرجات متفاوتة، رصد مقدمات الظواهر السياسية والضغط عليها باستمرار. أما السمات الفنية فإن الرسام يقوم بتقديم الفكرة ورسمها، كما كان يفعل عبد السميع وزهدي، وهناك التلخيص في الرسوم لخدمة الفكرة من خلال تجريد التفاصيل، كما في رسوم حجازي وبهجت عثمان، وقد تطور هذا الفن على يدي إيهاب شاكر وعبد السميع، حيث بدا تأثرهما بحركة التطور في الفن التشكيلي. أما مدرسة أخبار اليوم فإن المؤلف يشير إلى أنها اعتبرت الكاريكاتير مدرسة التفكير الاجتماعي كما أطلق عليها الرسام رخا، أي اشتراك أكثر من فرد في وضع أفكار الرسوم الكاريكاتيرية، وينقسم رسامو أخبار اليوم إلى الجيل الأول ويشمل صاروخان ورخا، والجيل الثاني ويشمل مصطفى حسين، وتميزت الرسوم بالاتجاه اليميني والتركيز في الهجوم على نتائج الظواهر لا مقدماتها والالتزام بسياسة الجريدة. وتميزت مدرسة الجمهورية المساء بتناولها لقضايا المجتمع وسياسة الحكم بعد ثورة 23 يوليو، ما أعطى للكاريكاتير شكله السياسي والاجتماعي، ومناصرة الشعوب العربية في قضاياها الثورية، ومن أهم السمات الفنية لهذه المدرسة الاهتمام بالرسوم من حيث بناء الشخصية والتكوين العام، والتأكيد على الفكرة من خلال إظهار جماليات الخط وإظهار الموضوع.