في المجتمعات الشرق أوسطية، لاتزال الصورة النمطية للأنثى هي صورة سيدة البيت المتفانية في خدمة زوجها وأطفالها، التي تقضي أيام عمرها في «حفر الكوسى» وحشو البطاطا وهو الدور الذي لعبته أمهاتنا وجداتنا ببراعة وتقريباً هو الدور الذي لعبته أجيال برمتها ما عدا قليل من المستثنيات. أما اليوم فلم يعد هذا الدور يتسع للجميع، هناك سيدات يفضِّلن العمل خارج المنزل، وتحقيق ذاتهن من خلال لعب ذاك الدور حتى لو لم يكن بحاجة لمدخول إضافي. هناك أخريات يرفضن لعب دور الأم، وأخريات لا رغبة لهن في الارتباط أساساً. بعضهن تشعر أنه من المهين والمرفوض تماماً أن تتلقى الأوامر وأن تخضع لرجل سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً. القائمة تطول ونماذج الاختلاف كثيرة بعضها اختلافات عملية وبعضها اختلافات فكرية، المهم أنها جميعاً لا تطابق النموذج إذا جاز لنا التعبير عنه بـ(أ)، هنا تبدأ المشكلة، لا يزال النموذج (أ) رغم تعدد النماذج وارتفاع نسبها هو النموذج المهيمن وصاحب الحظوة والصورة النمطية للمرأة الطبيعية!! مأزق قد تقع فيها أكثر المختلفات، كأن نسبة التطابق مع النموذج (أ) تشكل نسبة الهوية الأنثوية ونسبة الاختلاف مع ذاك النموذج بالنسبة لها هو نقص في الأنوثة، بالنسبة لي شخصياً، فقد وقعت في هذا المأزق عدة مرات قبل أن تتضح لي الرؤية، ظننت أنني ذات مزاج ذكوري لمجرد اهتمامي بالسياسة، شعرت أنني أنثى أقل من بنات جنسي لأنني أشعر بملل شديد حين تمتد أحاديث بعض التجمعات النسائية لساعات وساعات عن مقادير الطبخ وهموم الخادمات والأطفال. كنت مخطئة وكثيرات مخطئات مثلي أيضاً، حيث إن بعض النساء من يصفن أنفسهن بالغريبات أو النادرات أو حتى الشاذات ويقعن بين النماذج من (ب) إلى (ي)، أرجو منهن أن يعدن تصنيف أنفسهن، حيث إننا نساء طبيعيات ورائعات تماماً، كما نتصف بصفات أنثوية متكاملة بكل ما تعنيه هذه المفردة، نحن سيدات القرن الحادي والعشرين سنعيد تعريف المرأة، سنمنح أنفسنا مساحة شاسعة نتشكل ونتقولب فيها كما نشاء، سنكتشف كل التضاريس ونحلق في كل الفضاءات، ولن نكتفي بلون واحد ولدينا كل ألوان الطيف!