عزا زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، إعلانه الفصل بين العمل الديني عن السياسي إلى الرغبة في التطور، والانسجام مع مكونات العمل السياسي التونسية، مشيرا إلى أن الحاجة إلى الأحزاب الدينية في تونس قد انتفت بعد قيام الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق، زين العابدين بن علي. وأضاف الغنوشي في تصريحات إلى "الوطن" "مفهوم الإسلام السياسي تضرر من التشدد الذي يحمله تنظيما القاعدة وداعش، وفقد مبرره في تونس بعد الثورة وإعلان الدستور. وكانت هناك ضرورة اقتضت أن تكون الحركة دينية، عندما كان الدين في خطر خلال فترة بورقيبة وابن علي، ثم تحولت إلى حركة ذات مبادئ اجتماعية عندما احتاجت البلاد ذلك، والآن أصبحت ديمقراطية استجابة للمرحلة الحالية". التوافق مع البيئة عن لائحة فصل السياسي عن الديني، أكد أن "اللائحة الخاصة بالتوجه الجديد للحركة القاضي بتحول الحركة إلى حزب سياسي، أو ما عرف بالتمايز بين الوظيفة السياسية والوظائف المجتمعية الأخرى حظيت بتصويت عال جدا، خاصة أنها تعتبر جوهر المؤتمر". مشيرا إلى أن التفريق بين الوظائف المجتمعية والسياسية هو في الأصل تطبيق لدستور البلاد، الذي ينص على استقلال مؤسسات المجتمع المدني عن الأحزاب السياسية. وتابع بالقول "نحن نستجيب مع دستورنا وأوضاع بيئتنا، ونتجه إلى إقرار جاد لحزب سياسي مدني، بمرجعية مدنية، يعمل في إطار دستور البلاد ويستوحي مبادئه من قيم الإسلام وقيم الحداثة". وعن تسييس المساجد، أضاف الغنوشي أن دستور تونس لا يمنع أن يتحدث رجل الدين في السياسة، ولكنه يمنعه أن يحزّب مسجده، وأن يجعله منبرا ناطقا بحزبه واتجاهه السياسي، معللا ذلك بأن "الجامع يجمع ولا يفرق، وإذا أصبحت المساجد ناطقة بالأحزاب فستكون مفرقّة، لا جامعة". مسايرة التطور أشار الغنوشي إلى ضرورة "النأي بالدين عن المعارك السياسية، وتحييد المساجد، وحاجة البلاد إلى طبقة من العلماء، حتى تشهد للإسلام الوسطي، وتدحض التطرف باسم الإسلام الذي تنتهجه الحركات المتشددة". وعن أدبيات حركة النهضة، أوضح الغنوشي أن التخصص في السياسي تم من خلال عدم تجاهل قانون من قوانين الاجتماع، وهو ما أسماه بـ "قانون التطور"، واسترسل بالقول "الحركة الإسلامية هي داخل حركة التطور وليست بمنأى عنها، وحركة النهضة هي حركة تونسية تتطور بتطور تونس، وتساهم أيضا في تطوير بلدها".