حالة من الترقب والتوجس والانتظار بدأت ملامحها منذ أن أصدر وزير الثقافة والإعلام عن عزم الوزارة الشروع في الانتخابات بعد إعلان فتح باب العضوية للجمعيات العمومية، وفق بنود اللائحة الجديدة للأندية الأدبية، التي حاولت إلى حد ما ضبط مسوغات العضوية ومعاييرها، إلا أن ذلك لم يمنع من تنامي حالة الترقب تلك، ولم يقلل من قوة رمادية لون المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن أعلن بعض الأندية عن انحسار كبير في عدد المتقدمين للتسجيل في عضويات جمعياتها العمومية، وفي المقابل هناك ما هو مفاجئ، وهو الأعداد الهائلة التي تقدمت لعضويات أندية تقبع في مساحات جغرافية صغيرة، وللحالتين المتناقضتين دلالاتهما اللافتة. من المتعارف عليه أن لعبة الانتخابات في أي مكان هي لعبة تكتلات، مهما حاول النظام ضبطها أو الحد من تأثيرها، وبالتالي فالأندية الأدبية كغيرها لن تسلم من هذه اللعبة كونها الحقيقة التي لا يمكن نكرانها أو غض النظر عن قوة فاعليتها، وخطورتها أنها قادرة على منح من لا علاقة لهم- لا من قريب ولا من بعيد- بالمشروع الثقافي الأدبي فرصة سانحة لتبوؤ قيادات وعضويات إدارية في مجالس هذه الأندية، وهي مسألة ذات بعد إشكالي، لأن المشروع الأدبي في أي من مدننا رهن من يقوده ومن يصنع واقعه، خاصة إذا علمنا بأن الأندية الأدبية شبه مستقلة في برمجة أنشطتها وصناعة توجهاتها، ولا أظنها بلغت بعد مرحلة الاستراتيجات والخطط البعيدة المدى ذات البعد المشترك، وهنا يأتي السؤال عن شرط اللائحة الجديدة الذي يمنحك الحق للتسجيل في عضوية النادي الأدبي، الذي يقول: إما أن تكون خريج لغة وآدابها، أو لديك كتاب منشور ومجاز محليا، وهذا أيضا أمر (مطاطي) إلى حد بعيد، ومطاطيته ستفتح المجال لركوب الموجة حسب نظام (الفزعة) الذي يدمر مشاريعنا ويحيلها إلى مشاريع شخصية في مفهوم البعض، ذات بعد قبلي أو (تياري) أو بعد طائفي بكل أسف. وبالحديث عن تلك المرحلة الجديدة التي تتجه أنديتنا الأدبية إليها يلزمنا فتح ملفات الأندية في مرحلتها السابقة، التي مدد لمجالسها المنتخبة لأكثر من مرة من قبل وزارة الثقافة والإعلام، فهل كانت هذه الأندية- على إطلاقها- في حالة متعافية كي نخاف عليها من المقبل؟ ولا شك في أن الجواب يحمل بين طياته عدة ملاحظات أبرزها أن بعض الأندية أبلت بلاء حسنا وحققت نجاحات كبيرة، وانجزت إداراتها تميزا على شتى المستويات، وثمة أندية صار تعديل أوضاعها ملحا من خلال الانتخابات المقبلة، كونها استرخت كثيرا ومالت إلى الخمول والكسل واللاجديد، لكن قبل هذا وذاك ألا يتوجب على الوزارة النظر بعين فاحصة وقبل الدخول في غمرة الانتخابات في موضوع هيئة الثقافة التي جاء القرار الملكي السامي بإنشائها، ما يعطي الأولوية للتركيز على الهيئة وتأسيسها وتحديد مهامها التي لا يمكن - بأي حال من الأحوال - إلا أن تكون الأندية الأدبية على رأس مسؤولياتها، ولعل هذا الشأن يجعل التركيز على الهيئة أولى من إجراء انتخابات الأندية على الأقل في المرحلة الراهنة، ما يتطلب قرارا عاجلا من الوزارة بالتريث قليلا في اقحام الأندية الأدبية في مرحلة التغيير في ظل استعدادها لتأسيس الهيئة، لتتولى الهيئة بعد ذلك ملفها كاملا.