×
محافظة المنطقة الشرقية

تغريم الباطن بسبب جمهوره وعضوا شرف الرائد

صورة الخبر

قبل أن يتسلم محافظ المصرف المركزي المصري السابق هشام رامز منصبه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، كان سعر صرف الدولار بحدود 6.85 جنيه تقريباً، وعندما ترك منصبه بعد أربع سنوات، وبالتحديد في 27 تشرين الثاني 2015، وصل السعر الرسمي للدولار إلى نحو 7.83 جنيه، فيما تجاوز السعر في السوق السوداء 8.5 جنيه، بسبب نشاط المضاربين الذين كانوا يترقبون بقلق بالغ القرارات التي سيتخذها المحافظ الجديد طارق عامر والتي قد تكون مناقضة لقرارات سلفه الذي اتهم بأنه ضحى بالاحتياط النقدي في مقابل الحفاظ على سعر صرف الجنيه، ووُصفت سياسته بأنها كانت خاطئة وانتهت إلى نتائج مأسوية. وبعد ثلاثة أشهر ونصف شهر على استلام منصبه، وبالتحديد في 14 آذار (مارس) 2016، أقدم عامر على خفض قيمة الجنيه أمام الدولار بنسبة 14.3 في المئة ليصبح السعر الرسمي 8.95 جنيه، وباع «المركزي» نحو 200 مليون دولار في عطاء استثنائي لتغطية واردات سلع أساسية، مؤكداً عزمه على اعتماد «سياسة أكثر مرونة» في تحديد سعر الصرف، ثم أعقبه بعطاء دولاري «قياسي» بلغ نحو 1.5 بليون دولار، وذلك في محاولة منه لتوجيه «ضربة قاضية» إلى المضاربين لإنهاء ازدواج أسعار الصرف بين السوقين الرسمية والموازية، خصوصاً أن الخطوة ترافقت مع سلسلة إجراءات مصرفية. لكن مع اشتداد حركة المضاربين، تجاوز السعر في السوق السوداء 11.5 جنيه، على رغم ذلك، توقع عدد من الخبراء المؤيدين لهذه السياسة أن تكون لها آثار إيجابية على الاقتصاد المصري وقالوا في هذا المجال أن مصر تضحي بالجنيه بهدف إنعاش الاقتصاد. أما بعض المعارضين، فتوقعوا استمرار «الفجوة السعرية»، غير مستبعدين أن يتجاوز سعر الدولار 15 جنيهاً، خصوصاً إذا لم تؤتِ إجراءات «المركزي»، التقنية أو تلك المتعلقة بإغلاق شركات الصرافة المخالفة، ثمارها. هل تستطيع مصر تعويم الجنيه المصري؟ لا شك في أن تحقيق هذا الهدف يتطلب ضخ كميات كبيرة من الدولارات تفوق حاجة السوق المصرية، وتمكُّن «المركزي» من التحكم في سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، وسبق لمصر في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عاطف عبيد في كانون الثاني (يناير) 2003 أن لجأت إلى تعويم الجنيه المصري، وكانت النتيجة قي ذلك الوقت أن تضاعف سعر الدولار من 3.7 جنيه ليتجاوز 7.5 جنيه، قبل أن ينخفض إلى 5.35 جنيه بقيادة فاروق العقدة الذي محافظاً لـ «المركزي». بعض المراقبين، لا يستبعدون أن تتكرر المحاولة في عهد عامر وهو مقرب من العقدة، وينتسب إلى المدرسة ذاتها، لكن عامر يؤكد في هذا المجال أنه «لن يعوم الجنيه المصري قبل أن يزيد احتياط النقد الأجنبي إلى مستوى 30 بليون دولار، وعندها نفكر بالموضوع». وكان احتياط النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي نهاية 2010 نحو 36 بليون دولار، لكن منذ ثورة كانون الثاني 2011 وبعد هروب استثمارات قدرت بأكثر من 20 بليون دولار، تراجع الاحتياط إلى اقل من 15 بليوناً. ولوحظ انه يرتفع عندما يتلقى المركزي الدعم بودائع خليجية، ويتراجع عندما يلبي حاجات السوق من العملة الصعبة خصوصاً لتغطية الاستيراد، بالإضافة إلى دفع أقساط ديون خارجية مستحقة على الدولة. يُشار إلى أن تراجع عائدات قناة السويس والسياحة وهي مصادر رئيسة، ساهم بضعف احتياط النقد الأجنبي الذي يتكون من سلة عملات دولية رئيسة وهي الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، وتتوزع نسبتها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها في الأسواق الدولية، وهي تتغير وفق خطة يعتمدها «المركزي»، وتأخذ في الاعتبار مدفوعات مصر للاستيراد وتسديد الديون، فضلاً عن مواجهة الأزمات الاقتصادية في الظروف الاستثنائية. وبالأرقام، سجل رصيد الاحتياط النقدي لمصر نهاية آب (أغسطس) 2015 نحو 18.9 بليون دولار، لكنه تراجع نهاية أيلول (سبتمبر) إلى 16.33 بليون دولار، إذ خسر في هذا الشهر بليوناً و760 مليون دولار، وهي اكبر خسارة سجلها خلال ثلاث سنوات وثمانية أشهر، أي منذ كانون الثاني 2012، إذ سجل خسارة بقيمة بليون و765 مليون دولار. وفي كانون الثاني 2016 بلغ الاحتياط 16 بليوناً 477 مليون دولار، ثم ارتفع إلى 16 بليوناً و561 مليون دولار نهاية آذار الماضي، مسجلاً زيادة بقيمة 84 مليون دولار خلال شهرين، علماً بأن مصر سددت في مطلع العام الحالي مبلغ 700 مليون دولار ديوناً لـ «نادي باريس». ومقرر أن تسدد نحو 2.4 بليون دولار من الديون المستحقة عليها لكل من قطر و «نادي باريس» خلال العام الحالي، ما يمثل تحدياً لها في ظل التزامها الوفاء بتسديد ديونها الخارجية في مواعيدها وسط تراجع احتياطها النقدي. وإذا كانت الفجوة التمويلية لمصر تُقدَّر وفق بعض الدراسات بنحو 20 بليون دولار، يأمل عامر بأن تساهم خططه في الحد من الاستيراد فتنخفض فاتورة السلع بكاملها من 80 إلى 60 بليون دولار سنوياً، لكن يبدو أن وضع قيود على استيراد بعض السلع قد يحدث نزاعاً مع الدول المصدرة التي قد تضطر إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ما يعرقل الصادرات المصرية.