على هامش نشاطات «معرض فلسطين الدولي العاشر للكتاب» في مدينة رام الله، أقيم منذ اليوم الأول للافتتاح معرض صور بعدسة الفنانة الفلسطينية ابتسام سليمان، تحت عنوان «وجوه تروي النكبة»، وهي صور متنوعة لوجوه رسمت بتجاعيدها حكاية شـــعب يعيش الفجيعة والمزيد من النكـــبات، مــــنذ الاقتلاع العرقي له من أراضيه ومنازله من جانب العصابات الصهيونية عام 1948. فبصمات الوجوه بما تحمله من مفاتيح وملامح تعـــود بالزمن ولا تزال تحلم بالعودة، تسقط أحجاراً ثقيلة لكل من يزور المعرض في مجمع رام الله الترويحي. وإضافة إلى ما ترسمه عدسة سليمان من وجع، تعمد بقصد أو من دونه إلى أنسنته عبر تلك الوجوه التي شاخت وهي تنتظر العودة إلى ديارها خلال يومين أو أسبوع أو أسبوعين، ليمتد الأمر بها 68 سنة، ولا يزالون يحيون ذكرى فاجعتهم ومآسيهم... فالوجوه هنا تروي الحكاية لمن بقي منهم على قيد الحياة. ضم معرض «وجوه تروي النكبة» 30 صورة، كان لها وقع كبير على من تلامس عيونهم عيون من يهمّون بالقفز من داخل الصور، فتمتزج الدموع الدفينة وغير الدفينة لتنسكب على شال هنا وثوب مطرز هناك، أو مفتاح عملاق ينتظر بيتاً كان له باب أو كان بيتاً... وهنا يرتمي الزائر في أحضان من عاشوا المأساة المتواصلة، وكأنهم يرثون عبرهم وطناً كان للفلسطينيين ذات يوم، وبات عليهم قسراً الاعتراف بأنه ليس لهم! بدأ المعرض بصورة لقرية لفتا إبان النكبة وانتهى بصورة لبلدة الظاهرية في ما عرف بالنكسة أو حرب حزيران، أي احتلال بقية الأراضي الفلسطينية عام 1967، وكأن العدسة تؤكد أن النكبة تتواصل، بل وتتعملق في ظل أطول احتلال في العصر الحديث، وتخلله صور لتسعينيين وتسعينيات، وثمانينيين وثمانينيات تحكي عيونهم حكايات لا تنسى. وصاحبة المعرض ابتسام يعقوب سليمان من رام الله متخرجة من جامعة بيرزيت وتعمل معلمة لكنها تهوى التصوير وتعتبر أن الفن يروي الحقيقة دون كلام، وقد سبق أن أقامت معارض عدة لها في عكا وبيرزيت ورام الله. خصصت سليمان صفحة لصورها بعنوان «فلسطين بعيني فلسطينية» على «فايسبوك»، كي «يطلع الفلسطينيون في الداخل والخارج على ما تلتقطه عدستها». إلى جانب ذلك، تهوى سليمان التطريز وتتقنه إضافة إلى الرسم على الزجاج، لكن هواية التصوير هي الأبرز فانضمت إلى فريق يحمل اسم «امشِ وتعرّف إلى بلدك»، ويضم عدداً من الأشخاص ممن يقومون بجولات في أنحاء فلسطين، وسط مضايقات الجنود ومطارداتهم، تاركين خلفهم خطواتهم مرسومة على الأرض، لتكون تذكاراً وحافزاً لمن يريد أن يتجول مثلهم ويكتشف فلسطين، وهي بذلك تكمل حكايتها المصورة... حكاية صمود شعب يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلاً.