النمطية في التعامل مع الأعمال الخيرية تطغى علينا. أول ما يخطر على بال معظم الناس عندما يقررون المبادرة بالعمل بسنة الصدقة الجارية هي بناء مسجد. رغم الخيرية التي تتسم بها هذه المشروعات، إلا أن الحاجة إليها في الأغلب قد لا تكون ضرورية، لأن هناك من سبق لمثل هذا الخير، ناهيك عن الجهود الحكومية المستمرة والمشهودة في هذا المجال. ويغدو إعادة تأهيل مسجد في محطات الطرق التي تربط بين المدن، أكثر جدوى من بناء مسجد في مدينة تكتظ بالمساجد. الأمر نفسه ينطبق على مشروعات تفطير الصائم، ونحن نتهيأ لاستقبال شهر رمضان المبارك، ونشهد تنافسا على هذا العمل المأجور. لكن واقع الحال يؤكد أن بعض هذه المشروعات تدخل في فخ السرف والفائض عن الحاجة. وهنا يظهر أن من الضروري أن يبحث المرء عن منافذ جديدة للخير، قد لا تكون معتادة، ولكن الطريق فيها ممهد والمترقبون لها كثيرون. إن هناك حاجة ماسة إلى إثراء الصدقة الجارية في مجالات متعددة، التعليم على سبيل المثال، وأقصد هنا توفير المنح الدراسية لمن لا تسمح له ظروفه بالتعلم، أو العلاج لمن لا يجد العلاج، أو إثراء المهارات وتغيير أنماط العيش لدى بعض الفئات الهامشية من خلال إكسابهم مهارات وظيفية تجعلهم يندمجون في سوق العمل.. إلى آخره. ويمكن أيضا ضخ المال لخدمة مشروعات وطنية كبرى مثل المشروع الوطني للوقاية من المخدرات «نبراس». وهذا المشروع يحمل في ثناياه قارب نجاة لأبنائنا وبناتنا من أجل تحصينهم ضد خطر المخدرات وتوعيتهم بأضرارها. غاية "نبراس" إيجاد بيئة خالية من المخدرات ونشر ثقافة الوقاية من خلال تعزيز القيم الإيجابية والتشجيع عليها. وأنا هنا لا بد أن أشيد بمبادرة "سابك" من أجل هذا المشروع، ولا أجد عذرا للمصارف والجهات الأخرى التي لديها ملاءة مالية من ضخ جزء من ميزانياتها المخصصة لخدمة المجتمع تجاه مثل هذا المشروع، إذ إنه يمثل فرصة سانحة للمشاركة في مواجهة الحرب التي تواجهها المملكة في هذا المجال. تصور أن تسهم في إحياء نفس عانت الإدمان من خلال الإسهام في علاجها. أو من خلال منع التغرير بفتى أو فتاة وتوريطهما بالدخول في نفق المخدرات.