مشاعر متضاربة حالياً يعيشها معظم الطلبة؛ جراء الاستعداد للامتحانات، التي تنطلق عقب أيام قليلة، ويترافق جزء منها مع حلول شهر رمضان الفضيل، الذي تظلل نفحاته الطيبة الأجواء بروحانية كبيرة، فيما تأتي مخاوف الأسر على الأبناء من أداء الامتحانات في هذا الطقس الحار، مع الصيام الذي يصاحبه العطش تحديداً، ليقضّ مضاجعها، ويؤرق الأبناء، ويصيبهم بحالة من الارتباك، والتوتر، والخوف من عدم اجتيازها بنجاح، والإخفاق في تحقيق معدلات مرتفعة، وربما حتى متوسطة. تهيئة الظروف المريحة والهادئة للطلاب في البيوت، واللجان الامتحانية، هو المطلب الأساسي حالياً، من أولياء الأمور والمسؤولين التربويين معاً؛ حتى لا تتصاعد وتيرة القلق والتوتر لدى الأبناء، وينعكس ذلك بالتالي على أدائهم، بما يسفر عن نتائج غير مأمولة، أو متوقعة، وحول ذلك قال، بداية، محمد سلطان الخاصوني رئيس لجنة التربية والتعليم والثقافة والعلوم والشباب في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: يجب ألا نترك للأبناء مشاعر الخوف من الامتحانات لتصيبهم بالتشتت، والارتباك بما ينعكس سلباً على أدائهم لها، ويؤدي لتحقيقهم نتائج غير مرجوة، فعلى الأسر التخفيف من حدة المخاوف التي تعتريهم، بتهيئة الأجواء الهادئة المشجعة لهم داخل البيوت، والابتعاد عن العصبية والانفعال في معاملتهم، وأيضاً تجنب توجيه اللوم لهم لتقصيرهم في المذاكرة والتحصيل على مدار العام الدراسي، وتأكيد أنهم على قدر المسؤولية، ولديهم المقدرة على تحقيق معدلات مرتفعة ومتميزة. ومن الضروري مراعاة المراقبين في اللجان الامتحانية لنفسية الطلاب، واحتواؤهم بقدر الإمكان، والترفق في توجيههم لعدم الغش، والالتزام والانضباط المطلوبَين في هذا الصدد، ويجب أيضاً الحرص على تهيئة اللجان بتوفير التهوية المناسبة، والمقاعد المريحة، للتخفيف عليهم الشعور بالعطش والجوع، والخوف والتوتر. تجنب الضغط قال خالد الغيلي عضو لجنة شؤون الأسرة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: أداء الطلاب للامتحانات، خلال شهر رمضان الكريم، يشكل ضغطاً نفسياً وبدنياً على كثير منهم، في ضوء الطقس الحار، والارتفاع الكبير في درجات الحرارة، والصيام الذي يصاحبه العطش والجوع، لذا فمن الضروري تجنب الضغط على الأبناء الطلاب من الناحية النفسية، بأية صورة من الصور، سواء كان ذلك من قبل أسرهم بإلزامهم بساعات معينة لمراجعة المواد في المنزل، أم معاملتهم بحدة وخشونة في اللجان من قبل المراقبين، حتى لا يؤدي ذلك إلى تشتتهم ذهنياً، وتراجع أدائهم الواجب. ولابد من الجهات التربوية الاستعداد من الآن لفترة امتحانات مريحة، وهادئة. خطوات مهمة وقال الباحث التربوي د. سليمان سرحان الزعابي: الامتحانات ليست عصاً ترهب الطالب، بل هي تفريغ جهد متواصل ودراسة متأنية طوال العام الدراسي، وحتى يعبرها الأبناء بأمان، فعلى الأسرة اتباع عدد من الخطوات المهمة منها الآتي: * تهيئة الجو النفسي المنزلي الهادئ للطالب وتحفيزه على المذاكرة والاجتهاد، وتجنب إقحامه في المشادّات الأسرية العصبية، وإبعاده عن أجواء التوتر. * توفير الإمكانات المادية والمعنوية اللازمة للطالب، وبخاصة المكان المريح ومتابعته فيما يدرس من مواد، ومساعدته في مراجعتها. * تحبيب الأبناء في الأجواء الإيمانية المرافقة لشهر رمضان الكريم، وحثهم على تأدية الصلوات المكتوبة والسنن والتراويح؛ لكونها تخفف من رهبة ومخاوف الامتحانات. * توفير الطعام الصحي المناسب له. * تحديد وقت كافٍ للنوم والاسترخاء، وتوفير فترات زمنية قصيرة للطالب للترفيه عن نفسه. * منع الطالب من الخروج لفترات طويلة خارج المنزل، على ألّا تستقبل الأسرة الضيوف بصورة تربك الأجواء المنزلية. * توفير وسيلة نقل مريحة للطالب؛ لتوصيله للجنة الامتحان، مع تجنب الضغط من قبل الأسرة على الطالب بتوجيهه لشراء المذكرات وغيرها من المكتبات، والتي قد تشتت أفكاره، حين الرجوع لها فترة الامتحانات. الإيجابية والتشجيع أما محمد راشد رشود الحمودي نائب رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات بدبا الحصن: الأبناء هم فلذات الأكباد، وهم تاج رؤوسنا، الذين نبذل الغالي والنفيس من أجلهم، ونشقى لينعموا ويعيشوا حياة هنيئة، لنراهم في حياتهم ناجحين متفوقين في دراستهم. لذا أرى وفي ظل امتحاناتهم في شهر رمضان المبارك، أن يغير الوالدان من برنامجهما اليومي قليلاً، إذ يُستحسن الإقلال من الخروج من المنزل، وعلى الآباء البقاء قريبين من الأبناء؛ حتى يشعروا أن آباءهم يعيشون همهم، ويشاركونهم فيما هم فيه. ولابد أن يكون أسلوب النصح والتوجيه تربوياً أبوياً، وإيجابياً وتشجيعياً يبعث الأمل ويرفع الهمم، ويحفز القدرات، مع الابتعاد عن أسلوب التهديد والوعيد والتخويف والقسوة، والإكثار من الدعاء للأبناء بالنجاح والتفوق في هذا الوقت تحديداً، ولا غضاضة بأن يسمع الآباء دعواتهم للأبناء. ويجب تهيئة الأجواء المناسبة في المنزل، وإبعاد كل ضوضاء تؤثر في مراجعة الأبناء للمواد، كما يجب ألّا ينشغل الوالدان بمشاهدة البرامج والمسلسلات الرمضانية، بمعنى أن تكون بيئة المنزل محفزة للمذاكرة وليست منفّرة، ولا يمنع أن يشارك الوالدان أبناءهما في وضع جدول المذاكرة، بحيث يكون منسقاً، ومنظماً يجمع بين المذاكرة والعبادة، ووقت الراحة والنوم. مطالبة الأسر بتجنب المبالغة يرى الباحث الاجتماعي إبراهيم عبيد، أنه على الأسر أن تعي أن لها دوراً كبيراً في تحقيق الأبناء الطلاب لنتائج مرضية، بما لا يقل عن دور الطالب نفسه في تحقيق ذلك، وبذلك فالتعامل مع الطلاب يجب ألّا يتسم بالتعقيد، والتعنت والقسوة، حيث بعض الأسر تمنع الأبناء من الخروج أثناء الامتحانات، وتمنعهم من مشاهدة التلفاز، أو قراءة الصحف والمجلات خلاف الكتب المدرسية، مما يصيب الابن باضطرابات نفسية تسفر عن نتائج عكسية للمأمول فيها. وقال: من الضروري الحرص على سير الحياة بصورة طبيعية أثناء فترة أداء الأبناء للامتحانات، من دون المبالغة في الحرص، أو التعامل بصورة تزيد التوتر، والارتباك، والمخاوف المختلفة في نفوس الأبناء من الإحساس بصعوبة اجتيازهم لها بنجاح، وفي الوقت ذاته يجب عدم ترك الحبل على الغارب لهم، دونما متابعة وتشجيع، وتعزيز لثقتهم في أنفسهم، فضلاً عن وجوب مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء، ومعاملتهم وفقاً لذلك. وعلى الأسر أيضاً استيعاب توتر الأبناء، وتنمية الإحساس داخلهم بالثواب الأخروي الكبير الذي سينالونه وهم يصبرون على مشقة الصيام، والطقس الحار، وهم يؤدون امتحاناتهم.