×
محافظة المنطقة الشرقية

30 % حصة إضافية للسوق السعودي من الخضراوات التركية

صورة الخبر

عندما وقعت الأزمة الاقتصادية في عام 2008، لم تجد البنوك المركزية في البلدان الرأسمالية الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان أمامها غير طريق واحد للخروج من الأزمة، وتمثل ذلك الطريق في خفض أسعار الفائدة. ومنذ ذلك الحين دفعت تلك الخطوة بالمستثمرين إلى السعي للاستثمار في الأوراق المالية ذات العائد المرتفع، ومثّل ذلك لسنوات فرصة ذهبية للاقتصادات الناشئة مثل البرازيل وتركيا وإندونيسيا وتشيلي، إذ أقدمت على رفع معدل العائد على السندات الحكومية وسندات الشركات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وبلغ متوسط العائد على أذونات الخزانة في الاقتصادات الناشئة نحو 5 في المائة، وذلك في الوقت الذي كان يقارب الصفر تقريبا في الاقتصادات الرأسمالية الكبرى. وقد مثلت الحصيلة المالية التي اقتنصتها الأسواق الناشئة، فرصة جدية لاستثمارها محليا لدفع عجلة النشاط الاقتصادي، ورفع معدلات النمو، ورغم أن شراء السندات الحكومية وسندات الشركات في البلدان الناشئة كان بمثابة ديون متراكمة عليها، إلا أن معدل النمو كان كفيلا بسداد الفائدة المستحقة للمستثمرين. لكن هذا المشهد الذي دام لسنوات يبدو في نظر البعض وقد قرب من النهاية، فالأسواق الناشئة تمر بحالة من التراجع الاقتصادي، أفقدت سنداتها الحكومية وسندات شركاتها جاذبيتها، لكن الأمر ترافق أيضا مع مشهد آخر بدا لكثيرين غير تقليدي وغير منطقي أحيانا. فالمنطق الاقتصادي لأي مستثمر في أي مكان أو زمان، هو أن يستثمر أمواله على أمل أن تزيد قيمتها مع مرور الوقت، ويزداد هذا المنطق واقعية عندما يقدم شخص ما على شراء السندات الحكومية بهدف تحقيق عوائد جراء هذا الاستثمار. آخر البيانات المتاحة تشير إلى أن 30 في المائة من السندات الحكومية في البلدان الرأسمالية الكبرى باتت ذات عائد سلبي، ومثلها في ذلك عديد من الشركات، فما الذي يدفع أي شخص لأن يقوم بالاستثمار في سندات حكومية أو سندات مؤسسات خاصة وهو يعلم أن ما سيحصل عليه في المستقبل قيمته أقل مما استثمره؟ وحول تنامي ظاهرة الأشخاص والمؤسسات التي تقتني السندات الحكومية وسندات الشركات، وهي تعلم أنها ستنجم عنها خسائر مستقبلية، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور جوردن فيش أستاذ الاقتصاد المقارن، أنه يتعين علينا أن نتذكر أن جزءا كبيرا من المؤسسات التي تقتني السندات الحكومية هي البنوك المركزية، وغالبا تقتنيها بغض النظر عن العائد، إنما جزء من الاحتياطي الأجنبي لديه، كذلك شركات التأمين وصناديق المعاشات فهي تستثمر في السندات الحكومية أو الخاصة كجزء من التزاماتها، وكذلك المصارف التجارية التي تشتري السندات لمواجهة احتياجات السيولة وكضمان عند الاقتراض في أسواق المال. وأضاف فيش أن "الفئة الكبرى التي تقوم بشراء سندات الخزانة والأوراق المالية الحكومية وهي تعلم أن العائد منها سلبي هم الأشخاص الذين يضاربون في العملة أو من لديهم معرفة تفصيلية بسوق العملات الأجنبية، فمثلا إذا استثمرت 100 ألف فرنك في سندات الخزانة السويسرية لمدة خمس سنوات، وأنت تعلم أنه بعد خمس سنوات ستكون القيمة الحقيقية للمبلغ المستثمر 90 ألف فرانك، لكن في الوقت ذاته ستزيد قيمة الفرنك بنحو 25 في المائة، فإن هذا الارتفاع في قيمة العملة يعوض الخسائر الناجمة عن الفائدة السلبية". وأشار فيش إلى أن هذا ما حدث بالفعل لدى كبار رجال الأعمال والأثرياء اليونانيين، فقد فضلوا الاستثمار في سندات الخزانة الألمانية رغم الفائدة السلبية، لأنهم كانوا يتخوفون من خروج اليونان من مجموعة اليورو، ما يعني انهيار الاقتصاد اليوناني، كما أن قيمة العملة اليونانية الجديدة إذا خرجت من منطقة اليورو ستكون شديدة الانخفاض. ويلاحظ أن ظاهرة الاستثمار في الأوراق المالية الحكومية ذات الفائدة السلبية، تتنامى حاليا بين المستثمرين القلقين من وضع الأسواق الدولية، الذين يفضلون خسارة صغيرة جراء الاستثمار في سندات الخزانة لتفادي خسارة أكبر إذا استثمروا في أسواق السلع في الأوقات الضبابية. فعلى سبيل المثال انخفض متوسط أسهم الشركات الأوروبية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنحو 20 في المائة من قيمتها مقارنة بالعام الماضي، كما أن أسواق السلع الأولية متراجعة، وزادت معدلات التخلف في قدرة الشركات على سداد قيمة سنداتها، ومن ثم يصبح بالنسبة إلى كثير من المستثمرين السندات الحكومية وعلى الرغم من عائدها السلبي استثمارا مضمونا مقارنة بغيره من الاستثمارات. وحول مستقبل السندات الحكومية هذا العام، يقول لـ "الاقتصادية"، الفريد ويدلي الباحث في مجموعة "لويدز" المصرفية، "إن 2015 كان عاما سيئا لسوق السندات الأمريكية والبريطانية، فقد راوحت العائدات بين 20 إلى 30 نقطة أساس في معظم فترات الاستحقاق". وأضاف ويدلي أن "أوروبا لم تكن أحسن حالا رغم سياسات التيسير الكمي للبنك المركزي الأوروبي، وخفض أسعار الفائدة إلى مستويات سلبية، والوضع بالطبع كان أكثر سوءا في الاقتصادات الناشئة والصين التي شهدت خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي اضطرابات عنيفة غير متوقعة أثرت بقوة في النمو". وأشار ويدلي إلى أنه من المتوقع تواصل حالة عدم الاستقرار في سوق السندات الحكومية خلال العام الحالي، وذلك لأن قادة البنوك المركزية متخوفون للغاية من ردود فعل الأسواق على قراراتهم، كما أن البيئة التجارية الدولية تمر بفترات عصيبة وغير ملائمة بعد للصفقات الضخمة، وإنما للصفقات الصغيرة ذات الطابع التكتيكي. ومع هذا، لا يزال بعض المختصين يراهنون على إمكانية انتعاش سوق الأوراق المالية الحكومية هذا العام جراء حجمها الضخم وقدرتها على استيعاب الصدمات مقارنة بسوق الأسهم، وأشار لـ "الاقتصادية"، فرانك فيلدر الباحث في بنك إنجلترا، إلى أن أذونات الخزانة أكثر شعبية على المدى الطويل من الأسهم، ووفقا لبعض التقديرات فإن سوق السندات العالمية نمت أكثر من ثلاث مرات خلال الـ 15 عاما الماضية، وتبلغ حاليا 100 ترليون دولار، أما سوق الأسهم في كل انحاء العالم فلا تتجاوز 64 تريليون دولار، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإن سوق الأوراق المالية الحكومية تبلغ 40 تريليون دولار، أما إجمالي سوق الأسهم فلا يتجاوز 20 تريليون دولار. ويعتبر فيلدر أن حجم التداول في سوق السندات سيتجاوز بشكل كبير حجم سوق الأسهم، مضيفا أن "حجم التداول في سوق الأسهم لا يتجاوز 200 مليارا يوميا، أم بالنسبة إلى سوق السندات فإنها تقارب الآن 700 مليار دولار يوميا، ومن هذا يمكن القول إن سوق السندات أكثر أهمية، وأكبر حجما من سوق الأسهم، ولذلك فإنها تعد أكثر قدرة على تحمل الصدمات من سوق الأسهم، وهو ما يدفع بكثير من المستثمرين إلى تفضيلها، حتى ولو كان العائد منها أقل من الأسهم، وهذا ما يجعلها أولوية قصوى لمعظم المستثمرين".