تراجع الدولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2016 كان عاملاً هاماً، غير أنه ليس العامل الوحيد الذي أدى إلى حالة الانتعاش التي شهدناها في مختلف السلع هذه السنة. وقد وصل مؤشر بلومبيرغ للدولار (الذي يتعقب أداء الدولار مقابل سلة تضم 10 من العملات إلى القاع عن عام كامل، ثم بدأ بالتعافي منذ ذلك الحين ليساهم في تشكيل ريح معاكسة للسلع المقومة بالدولار. قوة الدولار لم تكن كافية لمنع النفط الخام من محاولة تحقيق كسر آخر فوق مستوى 50 دولارا للبرميل، والذي يشكل حاجزاً نفسياً هاماً، مع العلم بأن انقطاعات الإنتاج في كندا ونيجيريا من شأنها أن تخفف المعروض بشكل كبير مؤقتاً. وقد ساهم هذا الواقع - بالإضافة إلى أول عملية سحب موسمية للمخزون في الولايات المتحدة والتقييم الإيجابي للطلب العالمي من قبل الوكالة الدولية للطاقة - في دعم الأسعار التي تعكس بوادر زخم إيجابي متنامٍ. انقطاع المعروض شهد كل من خام برنت وخام غرب تكساس محاولات جديدة لتحقيق كسور إلى مستويات أعلى الأسبوع الماضي، حيث إن انقطاعات المعروض في أماكن عديدة من العالم ومستوى الطلب العالي ساهما في دعم الزخم الصاعد القوي الذي نشأ منذ الوصول إلى القيعان التي تم تسجيلها سابقاً خلال العام الجاري. وقد أدت حالات انقطاع المعروض التي شهدتها فنزويلا وكندا في الآونة الأخيرة إلى تخليص السوق من جزء كبير من المعروض اليومي المفرط. وساهمت هذه التطورات- إلى جانب أول سحب موسمي من المخزون الأمريكي والتقييم الإيجابي للطلب العالمي من قبل وكالة الطاقة الدولية- في دعم الأسعار التي تبدي زخماً إيجابياً بشكل متنامٍ. ولا تزال الصلة وثيقة بين النفط الخام والدولار، لاسيما وأن القوة التي أبداها الدولار يوم الجمعة الماضي من شأنها تحفيز حركة لجني بعض الأرباح، فضلاً عن التقارير التي تشير بأن إنتاج أوبك وصل إلى قمة عن سنين عديدة خلال إبريل الماضي. وفيما تواصل أوبك زيادة إنتاجها (في حركة تعزى إلى إيران بالدرجة الأولى)، فإنها تغدو أكثر اعتماداً على خفض كمية المعروض من قبل الجهات المنتجة الأخرى بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار الحالية. تشكل عودة الخام الإيراني إلى الساحة بعد رفع العقوبات عن إيران أحد أهم العوامل التي تؤثر في السوق في 2016. لا يزال التباطؤ في الإنتاج الأمريكي حساساً للأسعار، وبما أن تداول خام غرب تكساس يتم عند مستويات قريبة للغاية من 50 دولاراً للبرميل، فإن احتمال حدوث تباطؤ في الإنتاج قد يؤدي إلى إضعاف التوقعات الحالية بعودة التوازن إلى السوق. وفي حين من المحتمل أن نشهد عودة للسعر إلى 50 دولاراً للبرميل خلال الربع الحالي، غير أن كل العوامل تشير إلى احتمال حدوث مزيد من الهبوط. وستبدأ المخزونات الأمريكية هبوطها السنوي، وخلال الأسابيع المقبلة ستكون الانخفاضات الإضافية مدعومة بتراجع الواردات من كندا التي تعمل ببطء على استعادة كامل قدراتها بعد الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من غاباتها. لقد بدأت مخزونات النفط الخام الأمريكية هبوطها الموسمي بعد وصولها إلى قمة عن 80 عاماً، في حين لا تزال مخزونات البنزين مرتفعةً للغاية. وما من شك أن أسعار النفط ستتعافى في نهاية المطاف لاجتذاب استثمارات جديدة وتنشيط عمليات التنقيب والاستخراج، غير أنه ما زال من المجهول حتى الآن متى ستبلغ السوق نوعاً من التوازن بين الطلب والمعروض، وهو ما سيضمن حدوث الكثير من التقلبات على مدى الأشهر المقبلة. في حين لا يزال خام غرب تكساس وخام برنت محكومين بمنحييهما الصاعدين، غير أنهما يواجهان بعض المصاعب حالياً. * رئيس استراتيجيات السلع لدى ساكسو بنك