يقيناً، لقد كان مبتكر فكرة تقطيع بحور الشعر العربية،شخصاً لا تربطه علاقة ذوقية سليمة بالإيقاع والموسيقى. قل إن شئت مثل أغلبية الوسط الغنائيّ اليوم.هم في الميدان وأعداؤه. من باب ذكر محاسن الماضين، لم أحدّد اسماً أو أسماء من أعلام التقطيع والتمزيق في أجمل فنون الكتابة. لا أريد فتح أبواب تشكيكيّة في البحث، كالقول إن الفراهيدي استلهمالتقطيع من الهنود، أو إن هذه الطريقة، تحت تأثير أفكار معيّنة، جاءت تجنّباً لتدريس العروض بالموسيقى، التي كانت المسكينة قديماً سيئة السمعة، واليوم سيّئة السلوك. الطريقة التقطيعيّة أساءت إلى الشعر والموسيقى معاً.في حين أن نشأة الأوزان هي قطعاً وبلا منازع نشأة موسيقية،بل إن قياس الإيقاع الشعريّ بالقدم عند أمم شتى،يربطه مباشرة حتى بالرقص، فالقدم هي أقدم آلة ضبط إيقاع.الأذن العربية في الجاهليّة تجاوزت ذلك بمراحل،وجعلت المقياس أو الوحدة الإيقاعية أو التفعيلة هي ضابطة الإيقاع: فاعلاتن، أو فعولن، أو متفاعلن إلخ. قمّة الإحساس بالإيقاع والموسيقى. وعندما نفحص الشعر الجاهليّ،ولم تكن لديهم معاهد موسيقية،ندرك أن الشاعر لم يكن يقرأ الموزون على طريقة النثر،بدليل أن التقطيع يُظهر خللاً لا وجود له في الإيقاع،اختيرت له أسماء والعياذ بالله،كلها مصطلحات تطلق على جدع الأنوف وبتر الأعضاء. لا وجود للزحافات والزواحف في الموسيقى.وبالتالي فإن أهل التقطيع الشعريّ عاجزون عن إدراك أن فاعلاتن شيء وفَعِلاتن شيء آخر. الأخيرة لا تشكو عيباً أو تشويهاً قياساً على الأولى. وكذلك متفعلن قياساً على مستفعلن. هذه نظرة متخلفة إيقاعيّاً وذوقيّاً. هذا غير بعيد من القول إن الثلاثة والخمسة والسبعة معيبة أو ناقصة لعدم قبولها القسمة على اثنين. الإيقاعات كالرياضيات ليس فيها معلول وذو عاهة. ربّما لهذا السبب سمّى قدماؤنا إيقاع الفالس الأعرج لأنه ثلاثة على أربعة، وكذلك خمسة على أربعة وسبعة على أربعة. طريقة تدريس أوزان البحور بالتقطيع عقيمة مطلقاً،لأن الإيقاع لا يُعبّر عنه إلاّ بالتوقيع. والآلة أو الصوت المترنّم هو الأقدر على إيصال الرسالة الموسيقية. وكل ما عدا ذلك إضاعة وقت،ومحاولة بائسة يائسة لا جدوى من ورائها،لأن الأذن هي الحكم في النهاية وهي الملجأ الأخير. لزوم ما يلزم:النتيجة الموسيقية: لقد كانت الأمّة ذات إيقاع حضاريّ، ومقام بين الأمم، فأحدث الإيقاع بها إفقادها مقامها فصارت نشازاً. عبد اللطيف الزبيدي abuzzabaed@gmail.com