اعتبر محللون في الشؤون الحزبية «جلسة الاستيضاح» التي عقدها أمس رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مع وزير دفاعه موشيه يعالون، على خلفية تصريحات للأخير لم ترق لنتانياهو، «بطاقة تحذير صفراء قد تليها بطاقة إبعاد حمراء» في حال واصل يعالون لعب دور «العقلاني في معسكر اليمين». وجاءت الجلسة وسط ضجيج إعلامي تعمّده مكتب نتانياهو بعد ساعات من دعوة يعالون قادة الجيش إلى عدم التردد في أن يقولوا بصراحة كل ما يريدونه «حتى لو كانت أقوالهم لا تتناغم وأفكار ومواقف تتبناها القيادة العسكرية العليا أو المستوى السياسي»، في إشارة إلى دعم الوزير نائب رئيس هيئة أركان الجيش اللواء يائير غولان على مقارنته أجواء التطرف الحالية في إسرائيل بتلك التي سادت عشية صعود النازية إلى الحكم في ألمانيا، وهي مقارنة أثارت حنق نتانياهو وسائر وزراء اليمين، باستثناء يعالون. واعتبر نتانياهو موقف وزير الدفاع تحدياً له، خصوصاً بعد أن أعلن نتانياهو الأسبوع الماضي أن «قضية تصريحات غولان غير الملائمة أصبحت من ورائنا». ونُقل عن أوساط قريبة من نتانياهو انزعاجه من إصرار يعالون على «طرق الموضوع من جديد»، ما حدا بمكتب رئيس الحكومة إلى إصدار بيان سريع جاء فيه أن «رئيس الحكومة يمنح الدعم الكامل للجيش وقادته وجنوده، ويؤكد أن المقارنة مع ألمانيا النازية كانت غير لائقة وفي وقت غير ملائم، وسببت ضرراً لإسرائيل في الحلبة الدولية». وأضاف أن «قادة الجيش يدلون بآرائهم بحرية تامة، لكن في المنتديات الملائمة وفي المواضيع التي تقع ضمن مسؤولياتهم. الجيش هو جيش الشعب، ويجب إبقاؤه خارج الخلافات السياسية». وأعلن المكتب أنه تم استدعاء يعالون إلى اجتماع عاجل في ديوان رئيس الحكومة «لتوضيح ما قاله». وعقد الاجتماع صباح أمس وصدر بعده بساعات بيان مشترك جاء فيه أن نتانياهو ويعالون «التقيا صباحاً وسوّيَا الأمور بينهما... ولا جدل في أن الجيش خاضع للمستوى السياسي، وقادته أحرار في إبداء رأيهم، لكن في المنتديات الملائمة». وأكدت أوساط رئيس الحكومة أن الأخير لم يوبخ وزير دفاعه كما أشيع، «إنما فقط طلب منه توضيحاً لأقواله ومعرفة دوافعه إلى إعادة فتح نقاش عن موضوع قال نتانياهو إنه أصبح من ورائنا». لكن مراقبين رأوا في الاستدعاء محاولة علنية من نتانياهو «لتعريف يعالون بحجمه» أو «قصقصة جناحيه» تماماً كما فعل مع عدد من الوزراء في حكوماته السابقة اضطر معظمهم إلى «الامتثال» أو الاستقالة. وأشار محلل الإذاعة العبرية إلى أن نتانياهو يستمد التشجيع من نتائج الاستطلاع الأخير التي بيّنت أن غالبية الإسرائيليين لا تتفق مع انتقادات اللواء غولان لأجواء التطرف. وكان نتانياهو استقدم يعالون قبل سبعة أعوام إلى الساحة السياسية مع انتهاء ولايته رئيساً لهيئة أركان الجيش، وضمه إلى حزبه «ليكود»، وعيّنه وزيراً للشؤون الاستراتيجية، وقبل ثلاثة أعوام أسند إليه منصب وزير الدفاع. وشهدت العلاقات بينهما تناغماً شبه تام، حتى اندلع الخلاف الأول قبل أشهر حين أيّد يعالون إعادة جثث الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات طعن ودهس إلى عائلاتهم في مقابل معارضة نتانياهو، واستمر لاحقاً حين أبدى يعالون امتعاضه من اتصال هاتفي أجراه نتانياهو مع عائلة الجندي الذي قتل بدم بارد شاباً من الخليل وهو ملقى أرضاً مصاباً، فيما أعلن يعالون أنه يجب محاكمة الجندي «كي لا يصبح جنودنا متبلدي الحس». واشتد التوتر مع إعلان يعالون دعمه الكامل للواء غولان، ما دفع بنتانياهو إلى توجيه انتقاد علني للواء غولان. وبينما يؤكد القريبون من يعالون أن القيم والمبادئ هي بوصلته، وأنه لن يساوم حولها، فضلاً عن وقوفه التام إلى جانب قادة الجيش الذين يواجهون حملة شعواء من أقطاب اليمين المتطرف، ربطت أوساط في «ليكود» بين تحدي يعالون لرئيس حكومته وبين سعي الأخير إلى توسيع حكومته من خلال ضم «المعسكر الصهيوني» بزعامة اسحق هرتسوغ أو «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان إلى حكومته، وفي الحاليْن قد يفقد يعالون حقيبة الدفاع. وأشار المحلل في الإذاعة العامة حنان كريستال إلى أن يعالون «يبدو معزولاً في ليكود»، مشيراً إلى «انفلات» عدد من الوزراء من الحزب في التهجم عليه أمس، «ربما بإيماءة من نتانياهو لإدراكه أن مواقف يعالون لا تروق للشارع العام، وهكذا يضعفه داخل الحزب وداخل معسكر اليمين وجماهيرياً أيضاً».