التجاوب الكبير الذي وصلني عبر الإيميل ورسائل الجوال و(الواتس أب) و(تويتر) مؤيدا ما ذكرت في مقالة (الكعكة التي قسمت مجتمعنا إلى غني وفقير) تؤكد شدة المعاناة من تلك العادات الدخيلة المتمثلة في تقليد أعمى يفرض على كل زائرة أن تحضر معها (كعكة) فاخرة وأن يحمل زائر المريض صرة باهظة الثمن من الزهور، وهي معاناة ترهق كاهل المواطن محدود الدخل ومستور الحال وفي ذات الوقت لمست اقتناعا بضرورة ترك هذه العادة حتى من أسر غنية تقديرا لظروف غيرهم ولقناعتهم بسطحية هذا التقليد الدخيل وعدم فائدته وخلوه من أي إيجابية مع سلبيات كبيرة ومؤثرة. إحدى السيدات الموسرات أرسلت لي تؤكد أنها وبعد قراءة المقال زارت مريضة ولا تحمل معها إلا الدعاء (ونعم ما حملت) وأخرى لفتت نظري إلى أن المشكلة لا تنحصر في أن كل اجتماع أسري أو مناسبة أو حفلة يجب أن تحضر فيها الزائرة (كعكة) وحسب بل إن المفاخرة والتنافس تعدى ذلك إلى (ماركة) ومحتويات (الكعكة) وبناء عليه يتم تصنيف السيدات والأسر إلى راقية ومتخلفة!!. أما أنا فألفت نظر الدعاة والناصحين وأئمة المساجد وأخصائيي علم الاجتماع أن توجيه المجتمع وإذكاء روح الاعتدال فيه يجب أن تتعدى مجرد نهيه عن الغيبة والنميمة والمبالغة في تكاليف حفلات الزواج إلى نبذ هذه العادات التي باتت تقسم المجتمع إلى غني وفقير وقادر وعاجز وراق ومتخلف (على أساس عكسي تماما فالتخلف يكمن في التقليد الأعمى وعدم الثقة في النفس وتعويض النقص بكعكة أما الرقي ففي التنازل عن التميز رفقا بالآخرين). مشكلة مجتمعنا هو اقتصار النصح والتوجيه على مشاكل محددة يتناوب عليها الدعاة والموجهون بينما نفتقد تماما لإشاعة روح الرقي بسلوكياتنا بما يحترم مشاعر الآخرين حتى لو لم يكن أمرا ممنوعا ويدخل ضمن الحريات الشخصية.