×
محافظة المنطقة الشرقية

«أدبي» جدة يحتفي بعامه الـ 40 الأسبوع المقبل

صورة الخبر

من النادر وجود خطيب يركِّز على المشتركات الإنسانية ويدعو لإحياء سنن وعادات ومشاعر ماتت بفعل عدة عوامل، فغالبية خطباء الجمعة يتنقلون من موضوع إلى موضوع جلُّها مستنسخ من كتاب، أو يذهبون إلى التذكير بركن من أركان الإسلام، أو دعوة لإلغاء عادات فيها تضييق على الناس كعادات البعض في الزواجات، ووصل بعض الخطباء إلى مرحلة متقدمة حتى أصبحت خطبهم معلبة حولت المنبر من منبر توجيه وإرشاد إلى منبر تحريض ودعاء على المخالفين، يزرعون بخطبهم بذور الاحتقان في الداخل قبل الخارج، ويهدمون الوسطية من حيث لا يشعرون. تحول منبر الجمعة من منبر توجيه وإرشاد إلى منبر يؤدلج العقول ويزرع الاحتقان ويقوي شوكة الطائفية النتنة، وتلك كارثة في حق الدين الإسلامي، وفي حق المجتمع الذي أصبح يقدم شبابه وفتيانه قرابين للتطرف والتشدد الديني والفكري، وسبب ذلك غياب التأهيل الشرعي الكافي الذي يأخذ في اعتباره الوسطية القيمة الكبرى التي يقوم عليها الدين الإسلامي المتسامح مع الجميع والمنسجم مع تطلعات من يؤمن به. من المفترض أن يكون منبر الجمعة جامعاً للكلمة، مسكتاً لأصوات التشدد والتطرف، زارعاً للمشتركات الإنسانية الميتة في مجتمع من المفترض أن يكون متسامحاً مع نفسه ومع العالم، فالمشتركات الإنسانية قيمٌ أجمعت عليها كل الأديان السماوية؛ العدل، التسامح، الوفاء بالعهد، الأمانة، الإخلاص، الصدق في الأفعال والأقوال، حرمة مال اليتيم، حق الجوار، الكلمة الطيبة، الابتسامة، التواصل والتعايش مع الأمم، فالمشتركات الإنسانية موجودة في كل الأديان السماوية، فمصدر التشريع واحد، ولهذا قال نبينا الكريم «الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد.. الحديث». لا أبالغ إن قلت إن خطب الجمعة أصبحت روتينية لا تضيف شيئاً للإنسان والمكان، وحان وقت تعديل مسار الخطباء ليعود منبر الجمعة منبراً للمجتمع بكافة فئاته، يزرع المشتركات الإنسانية ويقضي على فيروسات أصابت العقول والأرواح بمرض بدأ ينخر في جسد الوطن وأمة الإسلام.