يعاني أبناؤنا من كراهية المدرسة ويعبرون عن ذلك في أول أسبوع دراسي بالبكاء غير المنقطع. أحسب أن البيئة الاجتماعية كونت هذه الكراهية بين المدرسة والطفل حتى قبل أن يرتاد الطفل المدرسة. ظاهرة ينتشر عكسها لدى الأطفال في أغلب دول العالم، متحضرة وبدائية، حيث ينتمي الطلبة لمدارسهم ويشاركون في الأنشطة ويعيشون فترة الدراسة في سعادة يعبرون عنها بطرق مختلفة. هذه المفاهيم الغريبة علينا صنعتها المدرسة بتركيبتها المتفوقة نفسياً وشكلياً ومنهجياً. يبقى الطالب في المدرسة لمدة تزيد على ثماني ساعات أحياناً، ومع ذلك يستمر الرابط الإيجابي مع المدرسة. جاء موسم الأمطار في هذا العام خلال فترة الامتحانات، وهي فترة لا يمكن أن يغيب الطالب فيها عن مدرسته. شاهدنا مقاطع، تُلمح لبعض أسباب فتور العلاقة بين الطالب ومدرسته. فصول تغرق, وطلبة يقومون بنقل الطاولات في أجواء شديدة البرودة. حالة من الفوضى ضحيتها الطالب وعلاقته بمدرسته. الاهتمام بالمدرسة والعناية بنظافتها ليست من المهام المحرمة على الطلبة، بل إن الجميع يشاهدون في برامج تلفزيونية كيف يتولى الطلبة نظافة فصولهم الدراسية في كوريا واليابان مثلاً. لكن المفاهيم مختلفة، فهناك يقوم الطالب بتلك المهمة باعتبار أن المدرسة بيته الثاني, ويقوم بها هنا في هذا الوقت بالذات ليضمن أن يتمكن من أداء الامتحان وشتان بين نتيجة كل من الحالتين. شاهدنا خلال الفترة الأخيرة من الضحايا أكثر من المدارس وطلبتها، والشوارع والكباري والأنفاق والمنازل والأحياء التي ما إن تسقط قطرة مياه، حتى يضع الساكنون أيديهم على قلوبهم. توقع الكل أن يكون درس "كارثة جدة" حافزاً لضمان وضع أعلى مواصفات الحماية عند هطول الأمطار، خصوصاً بعد صدور صكوك سكنية في الأودية ومجاري السيول. لكننا اكتشفنا أنه ليس هناك فرق بين شارع أسس قبل ثلاثين عاماً، وآخر أسس العام الماضي، كلها تصبح أودية والوصول إلى المنازل مغامرة. حتى إن سكة حديد انحرفت نتيجة السيول، هذا الحدث جاء رحمة للجهة المسؤولة لأن الخط لا يستخدم لنقل الركاب. لكنه جرس ينذر بخطر كبير لا بد أن تنتبه له كل الجهات المسؤولة عن سكك الحديد القائمة أو القادمة، خصوصاً أن رفعها لا يكلف الكثير.