شهد مهرجان الزيتون السابع للاستثمار والتسويق في الجوف، قصة كفاح مواطنة كفيفة تدعى "مكيدة بنت عبدالله الرويلي" تبلغ من العمر 55 عامًا ، فقدت بصرها في سن السابعة من عمرها، ألا أن بصيرتها لم تزل بفضل الله تعالى متقدة، فتمكنت من التغلب على شظف العيش مع أبنائها الخمسة بعد رحيل زوجها، من خلال اتقانها لحرفة غزل السدو التي ورثتها عن والدتها، لتوجد بيديها مصدر رزق أعانها بعد الله على تحمل ظروف الحياة التي مرت بها. التقت "واس" بـ"مكيدة" المعروفة بأم عازب، وسط انتاجها اليدوي الذي تتباهى به في مهرجان الزيتون في أول مشاركة لها، فقالت وهي ممسكة بآلة السدو: عانيت في البداية من آلام وخز آلة السدو، حينما كنت أتعلم كيفية الغزل من والدتي بعد أن فقدت بصري، حتى أصبحت بفضل الله مبدعة فيها، مستخدمةً في عملي "قرن الغزال" الذي ورثته عن جدتي - رحمها الله - ، واحرص أن يكون بحوزتي طوال الوقت بعد الفراغ من العمل على الآلة التي تأخذ مني جهدًا كبيرًا ما بين الغزل والبرم والسدي. وأوضحت أن حرفة السدو في الماضي كانت تعتمد على وبر الإبل، وصوف الأغنام، والماعز، ويستخدم في عملها أدوات المغزل، والمخيط، والأوتاد الخشبية، ويتم السدو بواسطة خيوط ممتدة تربط بأربعة أوتار على شكل مستطيل، ويتم من خلاله صناعة المفروشات، والوسائد، والأغطية، كما كانت تصنع منه في الماضي بيوت الشعر والخيام. أم عازب التي قدمت لها هذه الصنعة دخلاً ماليًا وفيرًا جعلها تملك قطيعًا من الأغنام، أكدت أن فقدانها لبصرها لم يعيقها عن ممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي، وتلبية متطلبات الحياة، ومستلزمات الأبناء والمنزل دون أي معوقات، حيث وازنت ما بين ارتباطها بغزل السدو وطلب الراغبين في انتاجها، وما بين رعي الأغنام. الخيوط التي تستخدمها " أم عازب" في غزل السدو، غالباً ما تكون من الصوف الجيد، وتستغرق أربعة أيام لتجهيز قطعة كاملة من السدو، لكنها تستعين بابنتها الوحيدة في إعداد الصبغات الملونة له، لترسم من خلاله أشكال يتزايد عليها طلب الزبائن، وتقول: عندما أرغب في صناعة تشكيل معين، فإنني أسأل ابنتي عن نوع الألوان التي أمامي بعد أن أضيف لها الصبغات، لأبدأ بترتيبها وتصميمها، فأنطلق بعدها على آلة السدو لأتم القطعة التي أريد العمل عليها. وبنبرة ثقة كبيرة، أعربت "مكيدة الرويلي" عن سعادتها بإتاحة الفرصة لها للمشاركة في هذا المهرجان، مؤكدة أنها تتطلع إلى المشاركة في بقية المهرجانات الوطنية التي تقام خارج الجوف، كمهرجان الجنادرية، مقدمة شكرها لجمعية الملك عبد العزيز الخيرية النسائية بجانب إدارة مهرجان الزيتون السابع الذين قدموا لها الدعم الكبير للمشاركة في المهرجان. من جهة أخرى تشتهر منطقة الجوف بعدد من المأكولات الشعبية المتنوعة مثلها مثل باقي مناطق المملكة المختلفة، متميزة بمكونات غذائية يحرص أهالي المنطقة على تناولها مثل: المرقوق الجوفي، والخبز المطحن، وجريش السمن. وعرضت نساء الجوف في أجنحة الأسر المنتجة المشاركة في مهرجان الزيتون السابع للاستثمار والتسويق، أطباق متنوعة من المأكولات أبرزها: المرقوق الجوفي الذي يعتمد في تحضيره على عجين القمح واللحم وبعض الخضار التي تضفي عليه نكهة يرغبها الكثير من أبناء الجوف. كما قدمن "خبز المطحن" الذي يحضر بطريقة يدوية على الصاج، ويعد من أهم مكونات المائدة الجوفية، فضلًا عن أطباق القرصان المخلوط بالبازلا والبطاطا والقرع، بينما قدمت أخريات فنون طبخ الجريش الممزوج بالبصل المحمّر والسمن، ووجدت هذه العروض الإقبال الكبير من زوار المهرجان. وفي إحدى أركان المعرض، برزت أنواع من البهارات الطبيعية والمطحونة مثل : الكمون، والفلفل الأسود والأبيض، وبذور الكزبرة، وأعواد القرنفل، وغيرها من البهارات المتميزة بروائحها الذكية التي تضفي على الطعام نكهة خاصة سيما على الأطعمة الشعبية المشهورة في المملكة، مثل كبسة اللحم بالأرز، التي تسابق زوار المهرجان على تذوقها . وعرضت الأسر المنتجة جانبًا من صناعة الدبس المشتق من التمور، والدقل المشتق من حليب وألبان الضأن والماعز، بالإضافة إلى السمن البري الذي نال اهتمام الكثير لجودة نكهته وخلوه من أي اضافات شائبة، وأغصان الأرطا التي يستخدمها النساء مع أوراق الحناء. وكان للفتيات حضورًا لافتًا في المهرجان، حيث تفنن في تقديم أنواع مختلفة من الحلوى التي تدخل في مكوناتها منتجات: الزيتون، والتمور، والشوكولاتة، والفانيليا، والفراولة، والتوفي ممزوجة برقائق القمح، وجذبت هذه المنتجات الحديثة الكثير من زوّار مهرجان الزيتون.