لن أجد ما يكفي لإقناع نفسي بجدوى كثرة حديد التسليح وعرضها وصلابتها مع غلاء أسعارها ، فيما إذا عزم أحدنا على بناء مسكن من دورين ، عائلى ، صغير المساحة يمكن جعله صورة ذوق لسكن عصري. أظن أن السبب في الركض وراء حديد التسليح هو ثأر قديم من حياة صحراوية كان قوامها الصوف والوبر والحبال لاتخاذه سكنا . أو أنه خوف من زلازل أو هزات أرضية. وإلا فما الداعي للإكثار من حديد التسليح عندما نريد إقامة مبنى متواضع وما أن يمر المرء في شارع إلا ويرى القضبان علامة بارزة لوجود نية إعمار . وهل لاحظتم أننا كمجتمع نقر وضعها في الطريق العام، بعذر أن الموقع تحت الإنشاء. تقصر معلوماتي في علم الإنشاءات المعمارية، نستعمل كميات مبالغاً فيها من الحديد - حديد التسليح - وهل مساكننا بحاجة إلى أصنافه المختلفة لاقامة مأوى سكني للأسرة؟ الذي لاحظته في الغرب أنهم لا يستعملون حديد التسليح إلا للمباني الحديثة المتعددة الأدوار. وأن المنازل الأسرية تخلو من الحديد، أو يقل استخدامه. لا تنسوا بعض الدوائر التي تضع فوق أسوارها حديدا مدببا على شكل حراب . ولا أدري هل هو مجاراة أو زخرفة ، أو مبرّة لمقاول .. الله أعلم. أكتب هذا وأنا أقرأ عنواناً يقول: إن طن الحديد تجاوز الأربعة آلاف ريال، وإن هذا سوف يعرقل المشروعات السكنية، ضعوا خطاً تحت السكنية. وأعلم أن بريطانيا مثلا تتعرض للعاتي من الأنواء والتعرية، والجليد، والعواصف الممطرة، وكذلك تمر تحت غالبية قشرتها الأرضية قطارات انفاق على مدار الساعة، يفترض فيها أن تكون مبعث ارتجاج للمباني، ومع هذا كله تجد المنزل الانجليزي يخلو من الحديد، أو من المبالغة في استعمال الحديد، ولا يحسبون المادة ضمن كميات التأسيس والتشييد. المنازل الغربية، في المدن والقرى يكسوها الدفء والراحة والجمال - بدون حديد. فلماذا صار طن الحديد على سلّم تكاليف المباني السكنية الأسرية؟ .. عندنا منزل - في عنيزة من خمسة أدوار.. بما في ذلك "الخلوة" - القبو. وتعدى تاريخ بنائه نصف قرن. ولايوجد فيه قضيب واحد.